كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 7)

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: «قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْلَلْنَا، حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَجَعَلْنَا مَكَّةَ مِنَّا بِظَهْرٍ، لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ.» ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مَجْزُومًا.
وَقَالَ مُسْلِمٌ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَحْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنًى. قَالَ: وَأَهْلَلْنَا مِنَ الْأَبْطَحِ.»
وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ لِابْنِ عُمَرَ: «رَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ، وَلَمْ تُهِلَّ أَنْتَ حَتَّى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ. فَقَالَ: لَمْ أَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ.» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي جُمْلَةِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَسُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ الْمُجَاوِرِ مِنًى يُلَبِّي بِالْحَجِّ؟ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُلَبِّي يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إِذَا صَلَّى الظُّهْرَ وَاسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ.
قُلْتُ: هَكَذَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصْنَعُ إِذَا حَجَّ مُعْتَمِرًا ; يَحِلُّ مِنَ الْعُمْرَةِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ لَا يُلَبِّي حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ مُتَوَجِّهًا إِلَى مِنًى، كَمَا أَحْرَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ وَانْبَعَثَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، لَكِنْ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ لَمْ يُصَلِّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْأَبْطَحِ، وَإِنَّمَا صَلَّاهَا يَوْمَئِذٍ بِمِنًى، وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ.

الصفحة 560