كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 9)

وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الفتح: 20]
[الْفَتْحِ: 20، 21] . وَسَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْأُخْرَى خَيْبَرَ أَوْ مَكَّةَ فَقَدْ فُتِحَتْ وَأُخِذَتْ كَمَا وَقَعَ بِهِ الْوَعْدُ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
وَقَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 27] . فَكَانَ هَذَا الْوَعْدُ فِي سَنَةِ الْحُدَيْبِيَةِ عَامَ سِتٍّ، وَوَقَعَ إِنْجَازُهُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ، عَامَ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَذَكَرْنَا هُنَاكَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَمْ تَكُنْ تُخْبِرُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: " بَلَى، أَفَأَخْبَرْتُكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ عَامَكَ هَذَا؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: " فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَوِّفٌ بِهِ»
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ} [الأنفال: 7] . وَهَذَا الْوَعْدُ كَانَ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ لِيَأْخُذَ عِيرَ قُرَيْشٍ، فَبَلَغَ قُرَيْشًا خُرُوجَهُ إِلَى عِيرِهِمْ، فَنَفَرُوا فِي قَرِيبٍ مِنْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، فَلَمَّا تَحَقَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ قُدُومَهُمْ وَعْدَهُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنْ سَيُظْفِرُهُ بِهَا، إِمَّا الْعِيرُ وَإِمَّا النَّفِيرُ، فَوَدَّ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ الْوَعْدُ لِلْعِيرِ; لِمَا فِيهِ مِنْ

الصفحة 117