كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 9)

وَالْفُجُورِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا أَكَلَتْ مَا فِيهَا إِلَّا أَسْمَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ، فَجَاءَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ أَخِي قَدْ أَخْبَرَنِي بِخَبَرٍ عَنْ صَحِيفَتِكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَيْهَا الْأَرَضَةَ فَأَكَلَتْهَا إِلَّا مَا فِيهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ - أَوْ كَمَا قَالَ - فَأَحْضَرُوهَا، فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا أَسْلَمْتُهُ إِلَيْكُمْ، فَأَنْزَلُوهَا فَفَتَحُوهَا، فَإِذَا الْأَمْرُ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ نَقَضُوا حُكْمَهَا، وَدَخَلَتْ بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمَطْلَبِ مَكَّةَ، وَرَجَعُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، كَمَا أَسْلَفْنَا ذِكْرَهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ. حِينَ جَاءَ هُوَ وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ يَسْتَنْصِرُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَيَدْعُو لَهُمْ، لِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْإِهَانَةِ، فَجَلَسَ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ، وَقَالَ: " «إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ أَحَدُهُمْ يُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللَّهِ لَيُتِمَنَّ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» "
وَمِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ فِيهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهْلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

الصفحة 123