كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 9)

مِنَ الْأَنْصَارِ، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ مَاتَ فَأَغْمَضْنَاهُ، وَمَدَدْنَا عَلَيْهِ الثَّوْبَ، وَقَالَ بَعْضُنَا لِأُمِّهِ: احْتَسِبِيهِ. قَالَتْ: وَقَدْ مَاتَ؟! قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَتْ: أَحَقٌّ مَا تَقُولُونَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. فَمَدَّتْ يَدَيْهَا إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنِّي آمَنْتُ بِكَ، وَهَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا نَزَلَتْ بِي شِدَّةٌ دَعْوْتُكَ فَفَرَّجْتَهَا، فَأَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ أَلَّا تَحْمِلَ عَلَيَّ هَذِهِ الْمُصِيبَةَ. قَالَ: فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى أَكَلْنَا وَأَكَلَ مَعَنَا وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَالِينِيِّ، عَنْ ابْنِ عَدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَاهِرِ بْنِ أَبِي الدُّمَيْكِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَائِشَةَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرٍ الْمُرِّيِّ، أَحَدِ زُهَّادِ الْبَصْرَةِ وَعُبَّادِهَا مَعَ لِينٍ فِي حَدِيثِهِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ، وَفِيهِ أَنَّ أُمَّ السَّائِبِ كَانَتْ عَجُوزًا عَمْيَاءَ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رُوِىَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُرْسَلٍ. يَعْنِي فِيهِ انْقِطَاعٌ بَيْنَ ابْنِ عَوْنٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أَدْرَكْتُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ثَلَاثًا لَوْ كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَا تَقَاسَمَهَا الْأُمَمُ. قُلْنَا مَا هِيَ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ: كُنَّا فِي الصُّفَّةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مُهَاجِرَةٌ وَمَعَهَا ابْنٌ لَهَا قَدْ بَلَغَ، فَأَضَافَ الْمَرْأَةَ إِلَىالنِّسَاءِ وَأَضَافَ

الصفحة 51