كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 12)

مِنْ هَذَا الْبَيْتِ:
وَلَا خَيْرَ فِي عَيْشِ امْرِئٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ... مِنَ اللَّهِ فِي دَارِ الْقَرَارِ نَصِيبُ
وَزَادَ غَيْرُهُ مَعَهُ بَيْتًا حَسَنًا، وَهُوَ قَوْلُهُ:
فَإِنْ تُعْجِبُ الدُّنْيَا أُنَاسًا فَإِنَّهَا ... مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَالزَّوَالُ قَرِيبُ
وَمِنْ شَعْرِهِ الَّذِي أَنْشَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ:
أَنَا مَيْتٌ وَعَزَّ مَنْ لَا يَمُوتُ ... قَدْ تَيَقَّنْتُ أَنَّنِي سَأَمُوتُ
لَيْسَ مُلْكٌ يُزِيلُهُ الْمَوْتُ مُلْكًا ... إِنَّمَا الْمُلْكُ مُلْكُ مَنْ لَا يَمُوتُ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ:
تُسَرُّ بِمَا يَبْلَى وَتَفْرَحُ بِالْمُنَى ... كَمَا اغْتَرَّ بِاللَّذَّاتِ فِي النَّوْمِ حَالِمُ
نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ ... وَلَيْلُكَ نَوْمٌ وَالرَّدَى لَكَ لَازِمُ
وَسَعْيكُ فِيمَا سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ ... كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيشُ الْبَهَائِمُ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَلُومُ نَفْسَهُ وَيُعَاتِبُهَا:
أَيَقِظَانُ أَنْتَ الْيَوْمَ أَمْ أَنْتَ نَائِمُ ... وَكَيْفَ يُطِيقُ النَّوْمَ حَيْرَانُ هَائِمُ
فَلَوْ كَنْتَ يَقْظَانَ الْغَدَاةَ لَحَرَّقَتْ ... مَدَامِعَ عَيْنَيْكَ الدُّمُوعُ السَّوَاجِمُ
نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ ... وَلَيْلُكَ نَوْمٌ وَالرَّدَى لَكَ لَازِمُ
بَلَ اصْبَحْتَ فِي النَّوْمِ الطَّوِيلِ وَقَدْ دَنَتْ ... إِلَيْكَ أُمُورٌ مُفْظِعَاتٌ عَظَائِمُ
وَشُغْلُكَ فِيمَا سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ ... كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيشُ الْبَهَائِمُ

الصفحة 707