كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 14)

قَالَ أَبُو هِفَّانَ: أَشْعَرُ أَهْلِ الْغَزَلِ مِنَ الْمُحْدَثِينَ أَرْبَعَةٌ؛ أَوَّلُهُمْ بَكْرُ بْنُ النَّطَّاحِ.
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ رَجَاءٍ يَقُولُ: اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ وَمَعَهُمْ بَكْرُ بْنُ النَّطَّاحِ يَتَنَاشَدُونَ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ طِوَالِهِمْ أَنْشَدَ بَكْرُ بْنُ النَّطَّاحِ لِنَفْسِهِ:
مَا ضَرَّهَا لَوْ كَتَبَتْ بِالرِّضَا ... فَجَفَّ جَفْنُ الْعَيْنِ أَوْ أُغْمِضَا
شَفَاعَةٌ مَرْدُودَةٌ عِنْدَهَا ... فِي عَاشِقٍ تَنْدَمُ لَوْ قَدْ قَضَى
يَا نَفْسُ صَبْرًا وَاعْلَمِي أَنَّ مَا ... يُأْمَلُ مِنْهَا مِثْلَ مَا قَدْ مَضَى
لَمْ تَمْرَضِ الْأَجْفَانُ مِنْ قَاتِلٍ ... بِلَحْظِهِ إِلَّا لِأَنْ أَمْرَضَا
قَالَ: فَابْتَدَرُوهُ يُقَبِّلُونَ رَأْسَهُ.
وَلَمَّا مَاتَ رَثَاهُ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ فَقَالَ:
مَاتَ ابْنُ نَطَّاحٍ أَبُو وَائِلٍ ... بَكْرٌ فَأَمْسَى الشِّعْرُ قَدْ بَانَا
بُهْلُولٌ الْمَجْنُونُ كَانَ يَأْوِي إِلَى مَقَابِرِ الْكُوفَةِ وَكَانَ يَتَكَلَّمُ بِكَلِمَاتٍ حَسَنَةٍ، وَقَدْ لَقِيَ الرَّشِيدَ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى الْحَجِّ، فَوَعَظَهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، كَمَا تَقَدَّمَ.

الصفحة 13