كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 16)

الَّتِي بِالْقُرْبِ مِنْ قَزْوِينَ وَاسْتَحْوَذَ السُّلْطَانُ عَلَى أَمْوَالِهِ وَحَوَاصِلِهِ، وَقَدْ كَانَ ذَكِيًّا فَصِيحًا شَاعِرًا لَدَيْهِ فَضَائِلُ جَمَّةٌ حَاضِرَ الْجَوَابِ سَرِيعَهُ.
وَلَمَّا أَرْسَلَهُ طُغْرُلْبَكُ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَخْطُبُ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ وَامْتَنَعَ الْخَلِيفَةُ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، أَنْشَدَ مُتَمَثِّلًا بِقَوْلِ الْمُتَنَبِّي:
مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ
فَتَمَّمَهُ الْوَزِيرُ:
تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي السُّفُنُ
فَسَكَتَ الْخَلِيفَةُ وَأَطْرَقَ.
وَكَانَ عُمْرُ الْكُنْدُرِيِّ حِينَ قُتِلَ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَمِنْ شِعْرِهِ الْجَيِّدِ قَوْلُهُ:
إِنْ كَانَ فِي النَّاسِ ضِيقٌ عَنْ مُنَافَسَتِي ... فَالْمَوْتُ قَدْ وَسَّعَ الدُّنْيَا عَلَى النَّاسِ
مَضَيْتُ وَالشَّامِتُ الْمَغْبُونُ يَتْبَعُنِي ... كُلٌّ لِكَأْسِ الْمَنَايَا شَارِبٌ حَاسِي
وَقَدْ كَانَ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ بَعَثَهُ مَرَّةً يَخْطُبُ لَهُ امْرَأَةَ خُوَارَزْمَ شَاهْ فَتَزَوَّجَهَا هُوَ فَخَصَاهُ وَأَقَرَّهُ عَلَى عَمَلِهِ، فَدُفِنَ ذَكَرُهُ بِخُوَارَزْمَ وَسُفِحَ دَمُهُ حِينَ قُتِلَ بِمَرْوِ الرُّوذِ، وَدُفِنَ جَسَدُهُ بِكُنْدُرَ، وَحُمِلَ رَأْسُهُ فَدُفِنَ بِنَيْسَابُورَ وَنُقِلَ قَحْفُ رَأْسِهِ إِلَى كَرْمَانَ.

الصفحة 6