كتاب البداية والنهاية ط هجر (اسم الجزء: 16)

جَلَسَ لِلْوَعْظِ مَكَانَ أَبِيهِ أَبِي الْفَرَجِ بِبَابِ بَدْرٍ الشَّرِيفِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَبَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مِنْ يَوْمِئِذٍ دَرَّسَ بِمَشْهَدِ أَبِي حَنِيفَةَ ضِيَاءُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مَسْعُودٍ التُّرْكُسْتَانِيُّ الْحَنَفِيُّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ وَالْأَكَابِرُ.
وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا وَصَلَتِ الرُّسُلُ مِنَ الْخَلِيفَةِ إِلَى الْعَادِلِ بِالْخِلَعِ، فَلَبِسَ هُوَ وَوَلَدَاهُ الْمُعْظَّمُ وَالْأَشْرَفُ وَوَزِيرُهُ صَفِيُّ الدِّينِ بْنُ شُكْرٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ الْخِلَعَ السَّنِيَّةَ الْخَلِيفِيَّةِ، وَدَخَلُوا إِلَى الْقَلْعَةِ وَقْتَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ بَابِ الْحَدِيدِ، وَقَرَأَ التَّقْلِيدَ الْوَزِيرُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا.
وَفِيهَا رُكِّبَتِ السَّاعَاتُ بِمِئْذَنَةِ الْعَرُوسِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَشَرَعُوا فِي بِنَاءِ الدُّرَجِ الَّتِي تُجَاهَ الْمَدْرَسَةِ الْقَيْمَازِيَّةِ.
وَفِيهَا دَرَّسَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْنِ الْقُضَاةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلْطَانَ بِالْمَدْرَسَةِ الرَّوَاحِيَّةِ بِدِمَشْقَ.
وَفِيهَا انْتَقَلَ الشَّيْخُ ابْنُ الْحُبَيْرِ الْبَغْدَادِيُّ مِنَ الْحَنْبَلِيَّةِ إِلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَدَرَّسَ بِمَدْرَسَةِ أَمِّ الْخَلِيفَةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْأَكَابِرُ وَالْعُلَمَاءُ مِنْ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ.

[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْأَمِيرُ إِيتَامِشُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
أَحَدُ أُمَرَاءِ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ، كَانَ مِنْ سَادَاتِ الْأُمَرَاءِ دِينًا وَعَقْلًا وَنَزَاهَةً وَعِفَّةً، سَقَاهُ بَعْضُ الْكُتَّابِ مِنَ النَّصَارَى سُمًّا، فَمَاتَ

الصفحة 759