كتاب بحوث ومقالات في اللغة

اللغويين، ثم توقفت حركة الجمع هذه بعد فترة، واقتصر جهد العلماء بعد ذلك، على تبويب هذه المادة وعرضها بطرق مختلفة، وبذلك أغفلوا ناحية مهمة، من نواحي الدراسات اللغوية، تلك هي ناحية التطور اللغوي، في نواحي: الأصوات، والبنية، والدلالة، والأسلوب، فلم يحاول مثلا أحد المؤلفين في المعاجم، في القرن الرابع أو الخامس الهجري مثلا، أن يبين لنا تطور معنى الكلمة التي جمعها من قبله أحد علماء القرن الثاني الهجري، وبعبارة أخرى: لم يبين لنا المعنى، الذي كان يفهم من الكلمة في عصره، كما أنه لم يبين لنا كيف كانت تنطق الكلمة في لغة التخاطب في عصره، وليس لدينا في هذا المجال سوى إشارات سريعة، فيما يسمى بكتب "لحن العامة".
2- قصور هذه المعاجم في الاستدلال على المعنى بالشواهد أحيانا، فهي رغم غناها بالشواهد، من القرآن الكريم، والحديث الشريف، والأمثال، والشعر، فيها الكثير من المواد التي تخلو من هذه الشواهد خلوا تاما، مما قد يشكك في صحه ورودها عن العرب، مثل المواد: كمثل، وكمتل، وكندش، وكندس، وغيرها.
وهذه الناحية تستدرك الآن، بعمل معجم للغة العربية، يستمد ألفاظه من الشعر والنثر. وهذه المعجم بدأه المستشرق الألماني "أوجست فيشر" A. Fischer في المجمع اللغوي بالقاهرة، ويخرجه الآن نخبة من المستشرقين الألمان، وعلى رأسهم أستاذنا بروفسور "شبيتالر" A. Spitaler رئيس معهد اللغات السامية بجامعة ميونخ.
3- رغم أن شيئا من اللغات السامية، كان معروفا لدى بعض اللغويين العرب، فإنهم لم يفيدوا من هذه المعرفة، في مقارنة العربية بأخواتها.

الصفحة 147