كتاب بحوث ومقالات في اللغة

وضرار شاعر من بني أسد1. ومثله قول الأخطل التغلبي:
فرابية السكران قفر فمالهم ... بها شبحٌ الإ سلامٌ وحرملُ2
والسلام: الحجارة. والحرمل: شجر. ومثله قول سعد بن مالك بن ضبيعة، جد طرفة بن العبد البكري:
والحرب لا يبقى لجا ... حمها التخيلُ والمراحُ
إلا الفتى الصبارُ في ... النجدات والفرس الوقاح3
فهذه الأبيات -كما ترى- لشعراء من نمير، وأسد، وتغلب، وبكر، وغيرها كثير، يثبت أن استقراء النحاة العرب لهذه الظاهرة، كان استقراء ناقصا.
ومن العجب قول المرزوقي في شرح هذين البيتين الأخيرين: "إلا الفتى: ارتفع على أنه بدل من التخيل وهذه لغة تميم! ".
بل إنه ليلاحظ في هذا التراث النحوي، أن فيه متابعة تكاد تكون كاملة، لكثير مما جاء به سيبويه في كتابه، دون تمحيص أو تدقيق، على ما في بعض مسائله أحيانا من الخطأ المبني على تحريف في الرواية، أو تغيير في الشواهد العربية. وهذا مثال واحد، من أمثلة كثيرة، يدل على صدق ما نذهب إليه:
يرى النحاة العرب، منذ أيام سيبويه، أن "كان" الناسخة" تحذف وحدها أحيانا، وذلك بعد أن المصدرية، في مثل قولك: "أما أنت منطلقا انطلقت"، وأصله -كما يقول النحاة- انطلقت لأن كنت منطلقا، ثم قدمت اللام، وما بعدها على: "انطلقت" للاختصاص، ثم حذفت اللام
__________
1 انظر: جمهرة الأنساب لابن حزم 193.
2 ديوان الأخطل ص2.
3 شرح المرزوقي للحماسة 2/ 501.

الصفحة 155