كتاب بحوث ومقالات في اللغة

تسحب اسكانر
الإحساس كان يقود أحيانا إلى الاعتقاد بأن حروف المد الأصلية، مثل: "ساق" و"باز" و"موقد" "من أوقد" نطق عامي، وأن الفصيح فيه: "سأق" و"بأز" و"مؤقد" عن طريق المبالغة في التفصح.
أقول: كان من الممكن أن اقتبس نص Rabin السابق، دليلا على أن قبيلة "كبعز" تبالغ في التفصح في ناحية الهمز، تماما مثل قبيلة طيئ، التي اشتهر عنها أنها تقول: "السؤدد" بدلا من: "السودد" "وهو من السيادة، وفعله: ساد يسود، فأصله الواو لا الهمز" غير أن المنهج العلمي يحتم على المرء هنا أن يرجع إلى المصدر الرئيسي، الذي أخذ عنه Rabin هذه النقطة، وهو كتاب "المخصص" لابن سيده "2/ 52: 7"، وبالرجوع إليه وجدت النص فيها كما يلي: "أما قراءة من قرأ: وكشفت عن سأقيها، فإنه همز، لمشابهة الألف الهمزة، وقيل: هي لغة كبأر"، أي أن همز كلمة: "سأق" لغة من اللغات العربية، تماما مثل همز كلمة: "بأز" عند من يهمزها بدلا من: "باز" بمعنى: صقر.
والذي أوقع Rabin في هذا الخطأ، أنه قرأ العبارة فيما يبدو: "وقيل هي لغة كبأز"، وعندما نقلها بحروفه اللاتينية، استبدل بالرمز المصطلح عليه بين المستشرقين لكتابة الهمزة، وهو: "د" رمز العين المصطلح عليه عندهم، وهو رأس عين صغيرة ">" سهوا منه، وبذلك صارت الكلمة بالحروف اللاتينية: kabaz غير أن Rabin قد شك في وجود قبيلة عربية بهذا الاسم، وهو ما دعاه إلى أن يضع بعدها بين قوسين كلمة: sic ومعناها باللاتينية: "كذا وردت الكلمة، ولم أتبين وجهها".
وهكذا يتبين لنا بالطريق العملي، كيف أن الرجوع إلى المصادر الأساسية، ضروري لتصحيح الخطأ، الذي تقع فيه المصادر الثانوية أحيانا.

الصفحة 195