كتاب بحوث ومقالات في اللغة

كتاب الحيوان: والتين والزيتون: دمشق وفلسطين"1، فقد يظن من يكتفي بهذا النص، أن الجاحظ يفسر التين والزيتون بهذا التفسير، غير أن من يبحث عن هذا في كتاب الحيوان، يجد الجاحظ يحكي هذا الرأي عن غيره، ويرفضه ويهزأ به بشدة، فيقول: "وقد قال الله عز وجل: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} ، فزعم زيد بن أسلم أن التين دمشق، الزيتون فلسطين، وللغالية في هذا تأويل أرغب بالعترة عنه، وعن ذكره وقد أخرج الله تبارك وتعالى الكلام مخرج القسم، وما تعرف دمشق إلا بدمشق. ولا فلسطين إلا بفلسطين"2، ثم مضى الجاحظ بعد ذلك يعدد فوائد التين والزيتون، وقال بعد ذلك: "وليس لهذا المقدار عظمهما الله عز وجل، وأقسم بهما، ونوه بذكرهما".
فأين من يعتمد على هذا النص في مصدره الأصلي، ممن يعتمد على نص مبتور، في مصدر ثانوي، ينسب إلى الجاحظ رأيا لم يقل به؟
ومثل ذلك ما في الفهرست لابن النديم، عند قوله في ترجمة المبرد ما نصه: "قال أبو سعيد رحمه الله: وقد نظر في كتاب سيبويه في عصره جماعة لم يكن لهم كتب عنه، يعني المبرد، مثل أبي ذكوان القاسم بن إسماعيل ... "3 وذكر شخصين آخرين هما عسل بن ذكوان وأبو يعلى بن أبي زرعة.
وإذا كان الباحث العجلان يكتفي أحيانا بمثل هذا النص، ليبني عليه أحكاما، فيدعي أن أبا ذكوان وزميليه كانوا من تلامذة المبرد، غير أنهم
__________
1 إعراب ثلاثين سورة 128.
2 الحيوان للجاحظ 1/ 208.
3 الفهرست لابن النديم 95.

الصفحة 197