كتاب بحوث ومقالات في اللغة

المركب، الذي تتميز به اللغة الفصحى، فيقول: ثَوْم وحَوْت ورَوْح، قياسا على ما فعله في تلك الكلمات السابقة، وعندئذ يأتي بشيء لا هو في لهجات الخطاب، ولا هو في اللغة الفصحى. وليس ما فعله إلا نوعا من أنواع القياس الخاطئ.
وعلى هذا النحو يمكن تفسير همز ما ليس أصله الهمز، في خبر الفراء السابق؛ لأن أولئك الطائيين يتركون الهمز في كلامهم -كما سبق أن عرفنا- فيقولون مثلا: فقيت عينه، ووجيت بطنه، بلا همز، ولكنهم يسمعون اللغة الأدبية في شعر الشعراء، ومواقف الجد من القول، وفيها: فقأت عينه، ووجأت بطنه، بالهمز، فيقولون بناء على هذا: حلأت السويق، ولبأت بالحج، ورثأت الميت، عن طريق القياس الخاطئ، مبالغة في التفصح، بدلا من: حليت ولبيت ورثيت. كما يمكن فهم ما روي عنهم من أنهم كانوا يهمزون: "السؤدد"1، وهو من سوَّدته، أي جعلته سيدا، فلا أثر للهمز في أصله. وبمثل هذا أيضا يمكن أن يفسر الهمز عند طيئ للألف المقصورة، في مثل: "حُبْلَأ" بدلا من: "حُبْلَى"2.
2- جهر السين والصاد:
السين والصاد من الأصوات الأسنانية اللثوية، المهموسة أي التي
__________
1 انظر: الاشتقاق لابن دريد 211.
2 انظر: أصول النحو لابن السراج 2/ 320.

الصفحة 234