كتاب بحوث ومقالات في اللغة

الناقصة، بل إن الأفعال الجوفاء، يعامل شيء منها معاملة الصحيح كذلك، فيقال فيها مثلا: "دَيَنَ" في: دان، و"بَيَنَ" في: بان، وغير ذلك1.
ولم تبق من هذه المرحلة في اللغات السامية الأخرى إلا بقايا قليلة في العربية، من الأفعال الجوفاء، مثل: حَوِرَ، وعَوِرَ، وهَيِفَ، واستحوذ، واستنوق، وغيرها. وإذا رجعنا بالاسم المقصور إلى هذه المرحلة القديمة فإنه يكون مثل: هُدَيٌ، وفَتَيٌ، وعَصَوٌ، وقَفَوٌ، وما إلى ذلك.
أما المرحلة الثانية في تطور الأفعال المعتلة والأسماء المقصورة، فهي مرحلة التسكين، أو سقوط الحركة بعد الواو والياء للتخفيف، فيصبح الفعل على نحو: قَضَيْ ودَعَوْ، كما تصبح الأسماء المقصورة على نحو: أَفْعَيْ وعَصَوْ.
وقد فطن العلامة "ابن جني" بحسه اللغوي، إلى ضرورة وجود هذه المرحلة في طريق تطور الأفعال المعتلة، فقال: "ومن ذلك قولهم: "إن أصل قام: قَوَمَ، فأبدلت الواو ألفا، وكذلك باع، أصله: بيع، ثم أبدلت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهو لعمري كذلك، إلا أنك لم تقلب واحدا من الحرفين، إلا بعد أن أسكنته، استثقالا لحركته، فصار إلى: قَوْمَ وبَيْعَ"2.
وقد بقيت هذه المرحلة عند قبيلة طيئ، فيما روي لنا من الأمثلة السابقة: أَفْعَيْ وحُبْلَيْ ومُثَنَّيْ وغيرها. وقد كنا في انتظار أن يظهر الفرق
__________
1 انظر: Dillmann, Grammatik der athiopischen sprache 163-165.
2 الخصائص 2/ 471-472 وانظر كذلك: شرح مراح الأرواح 122.

الصفحة 245