كتاب بحوث ومقالات في اللغة

ومما يصدق هذا أيضا، ورودها في بيت لأبي داود الإيادي، وهو:
فأبلوني بليتكم لعلِّي ... أصالحكم وأستدرج نَوَيَّا1
وبيت آخر لأبي السود الدؤلي "من بكر" وهو:
أحبهم لحب الله حتى ... أجيء إذا بعثت على هَوَيَّا2
كان هذه كله في المرحلة الثانية من مراحل: تطور المقصور والأفعال المعتلة في العربية واللغات السامية، أما المرحلة الثالثة، فهي تلك المرحلة التي تسمى في عرف اللغويين المحدثين: "انكماش الأصوات المركبة"3.
والأصوات المركبة في العربية هي الواو والياء المسبوقتان بالفتحة، في مثل: "قَوْل" و"بَيْت" فإن الملاحظ في تطور اللغات هو انكماش هذه الأصوات، وتحولها إلى حركات ممالة، مثل قولنا في العامية، يُوم، وصُوم، ونُوم، بدلا من: يَوْم، وصَوْم، ونَوْم. ومثل قولنا كذلك، بَيِت، ولَيِل، وعَيِن، بدلا من: بَيْت ولَيْل، وعَيْن.
وهذه المرحلة هي الشائعة في اللغة الحبشية في الأفعال الجوفاء، ففيها مثلا: "قُومَ" بمعنى: قام، و"شِيَط" بمعنى: باع، وغير ذلك. كما توجد هذه المرحلة أيضا، في اللهجات العربية التي تميل، في مثل قوله تعالى:
__________
1 النقائض 1/ 408 والخصائص 2/ 341.
2 الكامل للمبرد 3/ 205.
3 انظر: C. Brock elmann, Syrische Grammatik, s. 6.

الصفحة 248