كتاب البرهان في علوم القرآن للإمام الحوفي - سورة يوسف

لَسَارِقُونَ} قيل: إن قوله: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}، إنما هو خبَرٌ من الله تبارك وتعالى عن مؤذِّن أذَّن به، لا خبر عن يوسف, وجائز أن يكون المؤذِّن أذَّن بذلك إذ فَقَد الصُّواع من غير أمر يوسف إياه بذلك, وهو يحسب أن القوم سرقوه, ولا يعلم صنيع يوسف وجائز أن يكون كان أذان المؤذن عن أمر يوسف, واستجاز الأمر بالنداء بذلك، لعلمه بهم أنهم قد كانوا سرقوا سَرِقةً في بعض الأحوال, فأمر المؤذن أن يناديهم بوصفهم بالسَّرق, ويوسف يعني ذلك السَّرق لا سَرَقهم الصُّواع, وقيل: تأويل ذلك كان خطأ من فعل يوسف, فعاقبه الله بإجابة القوم إيّاه (¬1): {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ}.
وقوله تعالى: {قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} أي: قَالُوا: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} "يعنون أخاه لأبيه وأمه، وهو يوسف (¬2)، واختلف في" السَّرَق " الذي وُصِف به يوسف, فقال سعيد بن جبير (¬3) وقتادة (¬4) وابن جريج (¬5): صَنَمًا لجده أبي أمه، كسره وألقاه في الطريق, وقال ابن إدريس (¬6) عن أبيه قال كان: يعقوب على طعام, إذْ نظرَ يوسف إلى عَرْق (¬7)
¬_________
(¬1) ابن جرير، المرجع السابق.
(¬2) مجاهد، مرجع سابق، ص 399. ابن جرير، مرجع سابق، 13/ 271.
(¬3) ابن جرير، تاريخ الرسل والملوك، مرجع سابق، 1/ 354. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، 7/ 2177.
(¬4) عبدالرزاق، مرجع سابق، 1/ 326.
(¬5) ابن جرير، تاريخ الرسل والملوك، مرجع سابق، 1/ 351.
(¬6) عبد الله بن إدريس الأودي أبو محمد, الإمام، الحافظ، المقرئ، القدوة، شيخ الإسلام، الكوفي. ولد: سنة عشرين ومائة. وحدث عن: أبيه. الشيباني, مرجع سابق ,1/ 290. ابن الخليل القزويني، أبو يعلى خليل بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم (ت: 446 هـ)، الإرشاد في معرفة علماء الحديث، ت: د. محمد سعيد عمر إدريس، ط 1، (الرياض: مكتبة الرشد، 1409 هـ)، 1/ 213. الزركلي، مرجع سابق، 4/ 71.
(¬7) العَرْقُ: بِالسُّكُونِ: العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم وهبره وبقي عليها لحوم رقيقة طيبة فتكسر وتطبخ وتؤخذ إهالتها من طفاحتها، ويؤكل ما على العظام من لحم دقيق وتتمشش العظام، ولحمها من أطيب اللحمان عندهم؛ وجمعه عراق؛ قال ابن الأثير: وهو جمع نادر. يقال: عرقت العظم وتعرقته إذا أخذت اللحم عنه بأسنانك نهشا. وعظم معروق إذا ألقي عنه لحمه؛ وأنشد أبو عبيد لبعض الشعراء يخاطب امرأته: وَلَا تُهْدِي الأَمَرَّ وَمَا يَليهِ،.وَلَا تُهْدِنَّ مَعْروقَ العِظامِ. قال الجوهري: والعَرْقُ مَصْدَرُ قَوْلِكَ عَرَقْتُ الْعَظْمَ أَعْرُقُه، بِالضَّمِّ، عَرْقاً ومَعْرقاً. ابن منظور، مرجع سابق، 10/ 244 ..

الصفحة 278