كتاب البرهان في علوم القرآن للإمام الحوفي - سورة يوسف
من جزع (¬1)، والصبر الجميل: الذي لا جزع فيه ولا استكانة (¬2)، ويجوز أن يكون على حذف المبتدأ والتقدير: أمري صبر جميل, ولو أمرهم بالصبر لنصب (¬3) كما قال (¬4):
تشكو إِلَىَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى ... صَبْرٌ جَمِيلٌ وكِلاَنا مُبْتَلَى
عسى: طمع واشفاق من المخلوقين, ومن الله واجبة, وهي مشبهة بكان (¬5) , {أَنْ يَاتِيَنِي بِهِمْ} {أَنْ} في موضع نصب بـ {عَسَى} ودخول {أَنْ} مع {عَسَى} ليحقق معنى الاستقبال فيها, و {بِهِمْ} متعلق بـ {يَاتِيَنِي} , {جَمِيعًا} نصب على الحال, أي: {يَاتِيَنِي} بهم مجتمعين وفيه معنى التوكيد, {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} يجوز أن يكون {هُوَ} توكيدا للمضمر (¬6) , ويجوز أن يكون فاصلة, ويجوز أن يكون مبتدأ, و {الْعَلِيمُ} الخبر والجملة خبر إنّ.
القولُ في المعنى والتفسيرِ:
المعنى والله أعلم فلما يئسوا من أن يخلي يوسف عن ابن يامين، ويأخذ منهم واحدًا مكانه قال ابن إسحاق: {فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ} يئسوا منه، ورأوا شدّته في أمره (¬7)، {خَلَصُوا نَجِيًّا} أي خلا بعضهم ببعض يتناجون ولا يختلط بهم غيرهم, والنجي يكون واحدا وجماعة لأنه مصدر وكونه
¬_________
(¬1) ابن أبي حاتم، مرجع سابق، 12/ 584. القيسي، الهداية إلى بلوغ النهاية، مرجع سابق، 5/ 3616.
(¬2) ابن جرير، 15/ 584. الزجاج، مرجع سابق، 3/ 96. القرطبي، مرجع سابق، 9/ 152.
(¬3) النَّحَّاس, إعراب القرآن، مرجع سابق، 2/ 318.
(¬4) كذا في الأصل ولعل الصواب: يَشْكُو إليَّ جَمَلِي طُولَ السُّرَى ... صَبْرًا جَمِيلا فَكِلانا مُبْتَلى وتكون لفظة"ويشكو" بدلا من تشكو وفَكِلانا بدلاً من "وكِلاَنا" والله أعلم. ورد في، سيبويه، مرجع سابق، 1/ 162. الفراء، مرجع سابق، 2/ 54. ابن جرير، مرجع سابق، 18/ 79. ولم أقف على قائله.
(¬5) الجوهري، مرجع سابق، 6/ 2425 - 2426.
(¬6) النَّحَّاس, إعراب القرآن، مرجع سابق، 3/ 220. ابن مالك، شرح الكافية، مرجع سابق، 3/ 1184.
(¬7) ابن أبي حاتم، مرجع سابق، 7/ 2181.