كتاب البرهان في علوم القرآن للإمام الحوفي - سورة يوسف
يؤخذ بسرقته إلا بما علمنا (¬1)، {وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} أي: وما كنا نرى أن ابنك يسرق ويصير أمرنا إلى هذا (¬2)، وإنما قلنا لك {وَنَحْفَظُ أَخَانَا} مما لنا إلى حفظه منه السبيل (¬3).
وقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} يقولون: وإن كنتَ مُتَّهمًا لنا، لا تصدقنا على ما نقول من أن {ابْنَكَ سَرَقَ} فاسأل {الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}، وهي مصر، أي: سل من فيها من أهلها, {وَالْعِيرَ}: وهي القافلة التي أقبلت منها معنا عن خبر ابنك وحقيقة ما أخبرناك فإنك تُخْبُر بمصداق ذلك {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} فيما أخبرناك به من خبره قال ذلك قتادة (¬4) وابن عباس (¬5) وابن إسحاق (¬6). وقوله تعالى: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} في الكلام حذف (¬7)، وهو: فرجع إخوة ابن يامين إلى أبيهم، وتخلف روبيل، فأخبروه خبره، فلما أخبروه أنه سرق {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ} أي: بل زينت لكم أنفسكم أمرًا هممتم به وأردتموه فصبر على ما نالني من فقد ولدي، صبرٌ جميل لا جزع فيه ولا استكانة، {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَاتِيَنِي} بأولادي جميعًا فيردّهم علي {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} بوجدي، لفقدهم وحزني عليهم، وصِدْقِ ما يقولون من
¬_________
(¬1) ابن جرير، مرجع سابق، 16/ 210. ابن الجوزي، مرجع سابق، 2/ 462.
(¬2) عبدالرزاق، مرجع سابق، 1/ 327.أخرج ابن أبي حاتم، مرجع سابق، 7/ 2182 - 2183. الثعلبي، مرجع سابق، 5/ 246.
(¬3) ابن جرير، مرجع سابق، 16/ 211.
(¬4) ابن أبي حاتم، مرجع سابق، 7/ 2183. فائدة: إنه يمكن للمؤمن الصادق أن يطلب ممن يستمعون إلى حجته أن يستشهدوا بحميع الشهود الذين رأوا ما حدث معه بأم أعينهم تعزيزاً لصدقه وإقناعاً لحجته. نصر والهلالي، مرجع سابق، 728.
(¬5) ابن جرير، مرجع سابق، 13/ 290.
(¬6) ابن أبي حاتم، مرجع سابق، 7/ 2183.
(¬7) وكذا قال ابن جرير: في الكلام متروك، مرجع سابق، 16/ 13.