كتاب البرهان في علوم القرآن للإمام الحوفي - سورة يوسف
الياء (¬1)، ومن فتح: فعلى الأصل (¬2). {عَلَى يُوسُفَ} على متعلقة بـ {أَسَفَى} , {مِنَ الْحُزْنِ} متعلق بـ ابيضت، ويقال حُزْنٍ وحَزَنٍ, وأصله الغِلَظِ مأخوذ من الحزن, وهي الأرض الغليظة (¬3)، {فَهُوَ كَظِيمٌ} ابتداء وخبر, والفاء جواب ما أخبر به وجميع ما يذكره من الفاء, وهي عاطفة أنها جواب فلما فيها من ذلك المعنى لشدة اتصال المعطوف بالمعطوف به بلا فصل (¬4)، وليضمن الكلام معنى الفعل, فأشبهت بذلك جواب الشرط, فلذلك يقول جوابا, {تَاللَّهِ} قسم (¬5) والتاء بدل من الواو, لقربها منها, كما أبدلت في تجاه, والأصل وجاه, {تَفْتَأُ} مستقبل بمعنى تزال والمعنى لا تزال, وحذفت لا وهي مراد للعلم بذلك, إذ الإيجاب لا يكون إلا بالنون الشديدة أو الخفيفة (¬6)، يقال: فتى يفتأ فتأً وفتؤاً قال أوس بن حجر (¬7):
فَمَا فَتِئَتْ خَيْلٌ تَثُوبَ وَتَدَّعِي ... وَيَلْحَقُ مِنْهَا لاحِقٌ وتَقَطَّعُ (¬8)
¬_________
(¬1) فخر الدين الرازي، مرجع سابق، 18/ 498. النسفي، مرجع سابق، 2/ 129. أبو حيان، مرجع سابق، 6/ 314.
(¬2) القرطبي، مرجع سابق، 13/ 179. السمين، مرجع سابق، 8/ 480.البقاعي، مرجع سابق، 4/ 89.
(¬3) قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والحَزْنُ مَا غلُظَ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ حُزُونٌ وَفِيهَا حُزُونةٌ. ابن منظور، مرجع سابق، 13/ 112. الزبيدي، مرجع سابق، 34/ 414.
(¬4) درويش، مرجع سابق، 5/ 36. الدعاس، مرجع سابق، 2/ 102.
(¬5) الفراء , مرجع سابق,2/ 51. أبوعبيدة، مرجع سابق، 1/ 315. النَّحَّاس, إعراب القرآن، مرجع سابق، 2/ 209.
(¬6) النَّحَّاس, إعراب القرآن، مرجع سابق، 2/ 213. العكبري، التبيان في إعراب القرآن، مرجع سابق، 2/ 743.
(¬7) هو أوس بن حُجْر بن مالك التميمي .. قال أبو عمرو بن العلاء: كان أوس فحل مضر، حتّى نشأ النابغة وزهير فأخملاه. وكان أوس عاقلا فى شعره، كثير الوصف لمكارم الأخلاق. وهو من أوصفهم للحمر والسلاح، ولا سيّما للقوس. وسبق إلى دقيق المعانى، وإلى أمثال كثيرة. عمّر طويلا، ولم يدرك الإسلام. (ت: 620 م). ابن قتيبة الدينوري، الشعر والشعراء، مرجع سابق، 1/ 198. الجمحي، مرجع سابق، 1/ 97.ابن حجر العسقلاني، تبصير المنتبه بتحرير المشتبه, ت: محمد علي النجار, مراجعة: علي محمد البجاوي (بيروت: المكتبة العلمية،)، 1/ 412. الزركلي، مرجع سابق، 2/ 31.
(¬8) ديوانه القصيدة: 17، البيت: 10. ابن دريد، مرجع سابق،2/ 1102. أبوعبيدة، مرجع سابق،1/ 316. وكنى بالخيل عن أصحابها. ويقال: ثاب وثوب. إذا لوح بطرف ثوبه عند النداء من بعيد. وتدعى: تفتعل من الدعاء أى يدعو بعضهم بعضا. ويحتمل أن تثوب بمعنى ترجع، أى تذهب وترجع. ومعنى «تدعي» تلاحق وينتسب بعضها إلى بعض مجازاً، فيجوز أن الخيل حقيقة. أو شبه الخيل بالناس على طريق المكنية، والادعاء بمعنى التنادى تخييل، وهذان الوجهان أنسب بقوله «ويلحق» أى يسبق منها سابق. وتقطع: أى تتقطع وينقطع بعضها عن بعض قطعا قطعا، فهي تجتمع وتفترق: صور الحرب من أولها إلى آخرها في هذا البيت، أى: فما زالت الخيل تفعل كذلك حتى انتهت الحرب. الزمخشري، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، مرجع سابق،2/ 499.