كتاب البرهان في علوم القرآن للإمام الحوفي - سورة يوسف
يستغشُّوك, {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ} أي: ما هذا الذي أرسلك به ربك يا محمد من النبوة والرسالة إلا عظة, وتذكير للعالمين, ليتعظوا ويتذكَّروا به (¬1).
وقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: وكم من آية في السموات والأرض لله وعبرةٍ وحجةٍ, كالشمس والقمر والنجوم ونحو ذلك كالجبال والبحار والنبات والشجر, {يَمُرُّونَ عليها} أي: يعاينونها فيمرُّون بها معرضين عنها، لا يعتبرون بها، ولا يفكرون فيها وفيما دلت عليه من توحيد ربِّها, وإن كانت السماء والأرض آيتين عظيمتين (¬2) وقوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} أي: وما يُقِرُّ أكثر هؤلاء -الذين وصَفَ صفتهم- بالله أنه خالقه ورازقه وخالق كل شيء، {إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} في عبادته الأوثان والأصنام, واتخاذهم من دونه أربابًا, وزعمهم أنَّ له ولدًا (¬3)، تعالى عن ذلك علوا كبيرا, قال ابن عباس: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} يعني: النصارى يقول: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (¬4) , ولئن سألتهم من يرزقكم من السماء والأرض ليقولن: الله, وهم مع ذلك مشركون به ويعبدون غيره، ويسجدون للأنداد من دونه (¬5).
¬_________
(¬1) ابن جرير، مرجع سابق، 13/ 371.
(¬2) ابن جرير، مرجع سابق، 16/ 285.ابن أبي حاتم، مرجع سابق، 7/ 2207.
(¬3) ابن جرير، مرجع سابق، 16/ 286.
(¬4) سورة لقمان، الآية: 25.في (د) "سقط".
(¬5) ابن جرير، مرجع سابق، 16/ 289.