كتاب البرهان في وجوه البيان

والتقويم فإنهم إذا تقوموا عرفوا فضل ما أريد بهم، كما أن الصبي إذا كبر وعقل عرف فضل الأدب.
وينبغي للوزير أن يتفقد رعيته، وينزل كل أحد منزلته، فإنما يستخرج ما عند الرعية ولاتها، وما في الدين علماؤه، وما عند الجنود قادتها. وليوسع على الكريم منهم، وليضيق على اللئيم، ويسقط رتبته، فإن الكريم إذا احتاج خيف ضره، واللئيم إذا شبع ظهر شره، وقد قال أردشير: "إن العاقل المحروم يسل عليكم لسانه، وهو أقطع سيفيه، وإن أشد ما ضركم به من لسانه ما صرف القول فيه والحيلة إلى الدين، فكان بالدين يحتج، وله فيما يظهر بغضب، فيكون للدين بكاؤه، وإليه دعاؤه، وهو أحدج التابعين والمصدقين والمناصحين منكم لأن بغضة الناس وموكلة بالملوك ومحبتهم ورأفتهم موكلتان بالضعفاء، ثم قال:
"وقد كان من قبلنا يحتالون للطعانين على الملوك بالدين فيسمونهم المبتدعة، فيكون الدين هو الذي يفلهم، ويربح الملك منهم، ولا ينبغي للملك أن يعترف للعباد والنساك بأنه [ليس أعرف] بالدين ولا أحدب عليه ولا أشد تقصياً له منه، وألا يدعهم من الأمر والنهي في نسكهم ودينهم، فإن خروج النساك من أمر الملوك ونهيه عيب عليه وثلمة في سلطانه. وينبغي للوزير أن يأمر الرعية بعد منعه إياهم من الاختلاف في الدين

الصفحة 348