كتاب البرهان في وجوه البيان

فأما التعمية فهي تنقسم ثلاثة أقسام: أحدها التعمية بالمعاني المشتقة، كتعميتنا الطاء باسم الطير، والواو باسم الوحش، والعين باسم العطر، وهذه التعمية بالأجناس؛ وغما أن يوضع لكل حرف اسم من أسماء الناس أو الوحش أو الطير، كتصيير هم النون فتخة، واجيم بطة، والكاف رمان، والصاد رند وأشباه ذلك، والأولى أغلق من هذه. والثاني من وجوه التعمية أن تعمي الكلمة بتغيير مراتب حروفها، فتجعل آخرها أولها وأولها آخرها، وترتيب سائر حروفها على هذا الترتيب مثل تصييرنا الهاء أول اسم الله - عز وجل - والألف آخرها، والصورة "هللا"، وهذه التعمية التي يتغير مراتب الحروف تنقسم أقساماً: منها ما ذكرناه، ومنها أن يجعل أول حرف من الكلمة في أول السطر، وثانيها في آخر السطر وثالثها يلي أولها في أول السطر، ورابعها إلى جانب ثانيها في آخر السطر، وكذلك إلى أن تلتقي الحروف في وسط السطر؛ وإما أن تجعل آخر حرف من الكلمة تالياً لأولها، ثم تجعل ثاني الكلمة تالياً لهما، والذي قبل آخرها تالياً للثالث، وكذلك إلى آخر التعمية، وقد يسلك هذا المسلك في التعمية لمن يترجم عن ذلك إما بإبدال الحروف، وإما بإخراج الصور فيكون أغلق، وربما جعلت مراتب الحروف على غير هذا على حسب ما يتفق للإنسان.
والوجه الثالث من وجوه التعمية بالزيادة والنقصان، اما الزيادة فأن تزاد حروف إغفال بين الحروف المعماة، أو المترجمة لا تحتسب بها،

الصفحة 352