كتاب البحث الصريح في أيما هو الدين الصحيح

ويترجم منها إلى العربية، بل يطالع قواعد اللغتين اليونانية والعبرية، ويصحح ويرجح بعض الترجمات على بعض.
ومن هذا يظهر لي أنه كان قبل إسلامه من علماء النصارى ورجال دينهم، لأن العلم بهذه الأمور من اختصاص رجال الدين، ولأن هذه اللغات: اليونانية والعبرية والسريانية هي لغات دينية، فقد يكون في الأصل نصرانياً سريانياً، فهو يجيد السريانية، وهي لغة نصارى سورية1 باعتباره من أهلها، أما اللغة اليونانية فإنها لغة العهد الجديد2، واللغة الدينية للنصارى الكاثوليك، أما اللغة العبرية فهي لغة العهد القديم بالنسبة للنصارى البروتستانت، ولا يستغني عنها رجال الدين النصارى.
فهذا مما يوحي بأن الرجل كان من علمائهم، خاصة إذا علمنا أن عوام النصارى من أبعد الناس عن العلم الديني النصراني، بل هم في كثير من الأحيان خاصة في زمن المؤلف لا يستطيع أن يقف أحد منهم على شيء من كتب النصارى الدينية، سوى ما تأذن به الكنيسة من مقاطع مخصوصة يمكن تداولها بين العوام.
__________
1 السريانية: إحدى اللغات السامية القديمة المحلية في بلاد ما بين النهرين الشمالية، وهي من ضمن مجموعة اللغة الآرامية، وتشكل اللهجة الخاصة بمدينة الرها، وقد أصبحت اللغة التقليدية لنصارى سورية. وفي القرن السابع الميلادي / الأول الهجري انتشرت اللغة العربية إثر الفتح الإسلامي، وحلت مكان السريانية في اللغة المحلية، وأصبحت السريانية لغة عبادة لكل من اليعاقبة والنساطرة. انظر: معجم الحضارات السامية ص475.
2 قاموس الكتاب المقدس ص122.

الصفحة 26