الشك الحادي والعشرون
في سفر التكوين في الإصحاح التاسع يقول: فلما نظرحام أبو كنعان عرية أبيه أنها مكشّفة أخبّر إخوته خارجاً، فلما استيقظ نوح من الخمر وعلم ماعمل به ابنه الأصغر فقال: ملعونٌ كنعان بن حام ويكون عبداً لعبيد إخوته 1.
صورة ظلم كنعان
إن حاماً أبا كنعان هو الذي نظر عرية أبيه نوحا، وأما اللعنة من نوح فكانت على كنعان بن حام، عوضاً عن أن تكون على حام، الذي نظر عرية أبيه، وهذا الوجه ظلم لامناص منه مطلقاً، بحيث إنه حسب تقرير التوراة أن حاماً هو الذي أخطأ، واللّعنة صارت على ابنه كنعان*.
__________
1 تكوين 9: 22-25 وفيه ((فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه وأخبر أخويه خارجاً … فلما استيقظ نوح من خمره علم مافعل به ابنه الصغير فقال ملعون كنعان عبد العبيد يكون لإخوته)) .ولا شك أن اليهودقد كذبوا على نوح عليه السلام وذلك من افتراءاتهم على أنبياء الله التي ملأوا بها كتابهم، فما سلم من طعنهم وافترائهم أحد من الأنبياء، ونوح عليه السلام قد وصفه الله عز وجل بأنه عبد شكور. قال تعالى في معرض الامتنان على بني اسرائيل: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} الإسراء 3، فكيف يتأتى من نبي من أنبياء الله أن يرتكب هذا المنكر العظيم –سبحانك هذا بهتان عظيم–، وما افترى اليهود هذه الفرية على نوح عليه السلام إلا لأجل أن يتوصلوا إلى لعن كنعان أبي الكنعانيين ووصفه بالعبودية لإخوته، وذلك لأن الكنعانيين كانوا أعداء بني اسرائيل الألداء، فأرادوا أن يطعنوا بهم بذلك، وهذا دليل على حمقهم وتغفيلهم وفسقهم، لأن دلائل الكذب ظاهرة في النص كما شرح المصنف رحمه الله
* حاشية: (وإن قيل من أحبار اليهود والنصارى إن حاماً هو كان ابن البركة، وليس من الواجب أن يلعن وإن كان كنعان ابنه قد تحولت عليه اللّعنة من حيث أمه قد حملت به أيضاً وهم ضمن السفينة، فمن هذين الوجهين اقتضى تحويل اللّعنة من حام إلى ابنه كنعان.
فأقول: إن هذين الوجهين لايبرءان حاماً من القصاص، ولا يوجبان اللّعنة على كنعان، لأنه إن كان حام هو المبارك وأخطأ لا يلزم أن يلعن كنعان ابنه عوضه، وإن كانت أم كنعان حملت به وهم ضمن السفينة، لا يلزم أن يلعن، بل الحكم كله على أبيه، الذي زرعه في السفينة، [وهو الذي ضحك لما نظر عرية نوح] ، وعلى جده نوح أيضاً، الذي تزورت عليه أنه كان سكراناً، وعلى كلا الوجهين فلعنة كنعان من جده نوحٍ عوضاً عن أبيه حام هي إما ظلم وإما تحريف) .