(صورة) ظلم بطرس:
فأقول: إنه إذا كان سيدنا عيسى يعلم بأن من قال لأخيه: يا أحمق، وجبت عليه نار جهنم، فكيف يجعل من يستعطفه شيطاناً، الذي قال له: "حاشاك يارب" -وبالحق حاشاه - كان الجواب له: اذهب خلفي ياشيطان. ففي (تلك) المشاكل السابقة كنا ننظر قصاصاً بليغاً على خطايا جزئية، وقلنا إنها ظلم بلا شك، فهذا الذم الوارد على من يستعطف المسيح، مع أنه لا يليق إذلاله، (والحط من) شأنه، وتوجيه اللوم (إليه، مع أنه خال) 1 من كل وجه من وجوه الخطأ، ويقال له من نبي مثل هذا2 "ياشيطان"، فماذا يحكم العقل فيه؟ أليس تزويراً كما الحكاية كلها3.
والدليل على أنه تزوير هو من الجملة التي كتبها لوقا في الإصحاح التاسع في هذا المعنى فقط، الخالية من قوله: اذهب خلفي يا شيطان4 *.
__________
1 في النسختين ((وتوجه العوارض عليه الخالي من كل وجه)) وصوابها ما أثبت.
2 أي من نبي مثل عيسى عليه السلام.
3 يقصد دعوى أن المسيح أخبر أتباعه أنه يقتل ويقبر ثم يقوم في اليوم الثالث. وفي. د قال ((أليس إلا أنه تحريف كباقي التحاريف)) .
4 لوقا 9: 22 حيث لم يذكر فيها كلام بطرس ولا رد المسيح عليه.
(*) حاشية: (اعلم أنّ الذي يؤكد ذلك التزوير غلاقة هذه الجملة وهي قوله لبطرس: لأنك لا تفكر فيما لله، ومعناه أنك أنت يا بطرس أو خلافك إذا نظروا رجلاً مثلي في غاية الكمال من السيرة الطاهرة قد يلزم لهم إذا سمعوا منه بأنه مزمع أن يقتل بلا سبب ويألم، بأن يظنوا فيه بأنه من جملة أفعال الله الخارقة، وحاشا، أن يسمح بأن يقتل ظلماً، وأما إذا ظنوا ذلك قد يحكم عليهم بأنهم شياطين، وهذا الحكم قد يضاد العقل والنقل، ولهذا قد نسبوه إلى عيسى، الذي هو برئ من مثل هذه التهمة، مع أنه كان ينبغي لهم أن ينظروا أن استعطاف بطرس للمسيح هو ناتج من ظنه فيما لله، لأنه أدرك من الله أنه ليس بظالم حتى يترك عيسى البرئ من كل ذنب أن يقتل ظلماً) . وهذه الحاشية ليست في. د.