كتاب البحث الصريح في أيما هو الدين الصحيح

الشك الثلاثون
إن النصارى (المبتدعين) ، الذين ابتدعوا الألوهية لعيسى عليه السلام، التي ليس لها ذكر في كتابهم كما قررنا ذلك في أول الكتاب، قد ابتدعوا أشياء أخرى في (ديانتهم) ، من جملتها أنهم زعموا أن الله -تعالى شأنه (وتنزه عما يقولون) –ثلاثة أقانيم، أعني ثلاثة أشخاص، وهذا الاعتقاد ما وجد بهذا اللفظ حرفياً لا في التوراة، (ولا في الأنبياء) ، ولا في إنجيلهم*، حتى ولا خطر لأحد على بال، وبحيث أن لفظة أقنوم قد
__________
* حاشية: (اعلم أن معنى [كلام] المؤلف أنه ما وجد في الإنجيل مكتوبا [إن الله] ثلاثة أقانيم ثلاثة أشخاص، [ومعناه: كيف قاعدة دين مثل هذه تؤخذ بالتأويل، ولا يوجد لها أثر صريح في الكتب المنزلة التي تعلم قواعد الدين] ، {حتى ولا في الكتب المضافة للإنجيل وجد هذا الاعتقاد على الاطلاق حسب مافحصته أنا أيضا، , والذي لا يصدق الؤلف فليحضر وليقل إني نظرت في الموضع الفلاني مكتوبا فيه إن الله ثلاثة أقانيم ثلاثة أشخاص، ثم أقول: إن كلام المؤلف (يتضمن) نتيجة فريدة وهي: أنه لايخلو أن الأشخاص التي يسميها علماء النصارى أقانيما التي هي: العقل والكلمة والروح، هم متداخلون في بعضهم أم غير متداخلين في بعضهم أي أن العقل في الكلمة، والروح والكلمة في العقل، والروح في العقل والكلمة، فيكون حيثما وجد واحد منهم يلزم أن يكون الاثنان معه أيضا، ويكون التجسد للأقانيم الثلاثة، وإن كانوا منفصلين فيكون التجسد للكلمة الخالية من العقل ومن الروح، ويكون الغقل والروح بغير كلمة} .

الصفحة 306