كتاب البحث الصريح في أيما هو الدين الصحيح

وهاتان الدلالتان قد وجدتا في الأزمنة الأولى فعلياً حسياً، وبسببهما قامت الديانة النصرانية (ونمت) ، (وحيث يوجد الدليل يوجد مدلوله معه) والدلالتان هما:
الأولى: هي فعل العجائب والآيات المعجزات (بالتتابع) ، خلفاً عن سلفٍ من المؤمنين بالله، الواردة في إنجيل مرقص، في أواخر إنجيله [على لسان عيسى عليه السلام] عن أن الآيات تتبع المؤمنين بقوله: وهذه الآيات تتبع المؤمنين باسمي، يخرجون الشياطين، ويتكلمون بألسنٍ جديدة ويحملون الحيات بأيديهم وإن شربوا شيئاً مميتاً فلا يضرهم ويضعون أيديهم على المرضى فيبرؤون1.
والثانية: هي شرف الطريقة الممتلئة هدىً ونوراً، لتصديق قوله تعالى: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُور} 2، مثل محبة الأعداء، وعدم مقاومة الشر بالشر، ورفض الاهتمام (للدنيا) ، والقناعة بثوب واحد، المبني على قوله: ((حبوا أعدائكم ولا تقاوموا الشر ولا تهتموا بالغد ولا تكنزوا لكم كنوزاً في الأرض ولا تقتنوا ثوبين)) 3. وأمثال ذلك كثير مما تفيده هذه المعاني،
__________
1 مرقس 16: 16-18.
2 المائدة 46.
3 متى 6: 19.

الصفحة 324