كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 1)

أو تَتْرُكُونَ إِلَى القَسَّيْنِ (¬1) هِجْرَتَكُم ... وَمَسْحَهُمْ صُلْبَهُمْ رَحَمَانَ قُرْبَانَا (¬2)
فأنكر عليه بعض الناس (¬3)، وقال: لم تزل العرب تعرف الرحمن وتذكره في أشعارها، واحتج بقول الشاعر:
أَلاَ ضَرَبَت تِلْكَ الفَتَاة (¬4) هَجِيَنَهَا ... أَلاَ قَضَبَ الرَّحْمَنُ رَبِّي يَميِنَهَا (¬5)
فقال (¬6): إن جمهور العرب كانوا لا يعرفون "الرحمن" في الجاهلية،
¬__________
(¬1) في (ج): (القيز).
(¬2) البيت من قصيدة له يهجو فيها الأخطل وهو نصراني، فحكى في البيت قول النصارى، ولهذا نصب (رحمن): (قربانا) أي قائلين ذلك، ويروى البيت (هل تتركن)، (مسحكم) وفي "الزينة" (رخمن) بالمعجمة وهو بمعنى: الحاء. انظر: "الزينة" 2/ 25، "الزاهر" 1/ 153، "اشتقاق أسماء الله" ص 43، "تهذيب اللغة" (رحم) 2/ 1383، "تفسير الماوردي" 1/ 52 "تفسير القرطبي" 1/ 91، "اللسان" (رحم) 3/ 1612.
(¬3) ممن أنكر ذلك الطبري في "تفسيره" حيث قال: (وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف (الرحمن) ولم يكن ذلك في لغتها ...) 1/ 57، والزجاجي في "اشتقاق أسماء الله" ص 42، وابن سيده في "المخصص" 17/ 151 وغيرهم.
(¬4) في (ب): (الفتاو).
(¬5) لم يعرف له قائل وقد ذكره الطبري في "تفسيره" 1/ 58، وابن سيده في "المخصص" 17/ 152، وقال محمد محمود التركزي الشنقيطي في تعليقه على "المخصص": إن البيت من صنع بعض الرجال الذين يحبون إيجاد الشواهد المعدومة لدعاويهم. ورد عليه ذلك محمود شاكر في حاشيته على الطبري 1/ 131، وذكره ابن دريد في "الاشتقاق"، وقال: (وقد روي بيت في الجاهلية، ولم ينقله الثقات وهو للشنفرى:
لَقَدْ لَطَمَتْ تَلِكَ الفَتَاةُ هَجِينَهَا ... أَلاَ بَتَرَ الرَّحْمَنُ رَبَّي يَمِينَهَا
"الاشتقاق" ص 58، ورواية هذا البيت تختلف قليلا عن البيت المستشهد به، وانظر (اشتقاق أسماء الله) ص 82، (تفسير الماوردي) 1/ 52.
(¬6) أي ثعلب، ولم أجده، ولعله في كتب ابن الأنباري المفقودة، وأورد نحوه الطبري في =

الصفحة 456