كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 1)

صفته، والاسم كان معلوما لهم في الجملة (¬1). وقيل: هذا على جهة ترك التعظيم منهم. واختلفوا في أن أي الاسمين من هذين أشد مبالغة، فقال قوم: الرحمن أشد مبالغة من الرحيم، كالعلام من العليم، ولهذا قيل: رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، لأن رحمته في الدنيا عمت المؤمن والكافر والبر والفاجر، ورحمته في الآخرة اختصت بالمؤمنين (¬2).
فإن قيل: على هذا كان الرحمن أشد مبالغة، فلم بدئ بذكره (¬3)؟ وإنما يبدأ في نحو هذا بالأقل ثم يتبع (¬4) الأكثر كقولهم: (فلان جواد يعطي العشرات والمئين (¬5) والألوف).
والجواب: أنه بدئ (¬6) بذكر الرحمن، لأنه صار كالعلم، إذ كان لا يوصف به (¬7) إلا الله عز وجل، وحكم الأعلام وما كان من الأسماء أعرف أن يبدأ به، ثم يتبع (¬8) الأنكر، وما كان في التعريف أنقص. هذا مذهب سيبويه وغيره من النحويين، فجاء هذا على منهاج كلام العرب (¬9).
¬__________
(¬1) وجعله الطبري من إنكار العناد والمكابرة، وإن كانوا عالمين بصحته، وليس ذلك منهم إنكارا لهذا الاسم، الطبري في "تفسيره" 1/ 57 - 58، وقال ابن عطية: وإنما وقفت العرب على تعيين الإله الذي أمروا بالسجود له، لا على نفس اللفظة 1/ 93، وانظر ابن كثير في "تفسيره" 1/ 23، والقرطبي في "تفسيره" 13/ 67.
(¬2) انظر الطبري في "تفسيره" 1/ 55، "تهذيب اللغة" (رحم) 2/ 1383، "المخصص" 17/ 151، "معاني القرآن" للزجاج 58، "اشتقاق أسماء الله" ص 40.
(¬3) هذا التساؤل والإجابة عنه بنصه في "المخصص" 17/ 151.
(¬4) في (ج): (تتبع).
(¬5) في (أ)، (ج): (الماتين) وفي (ب): (المايتين) وما أثبت من "المخصص".
(¬6) في (ب): (بدأ).
(¬7) (به) ساقط من (ج).
(¬8) في (ج): (تتبع).
(¬9) إلى هنا بنصه في "المخصص" 17/ 151، وإلى نحوه ذهب الطبري في "تفسيره" =

الصفحة 459