كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 1)

منقلبة مثل ألف (لا) و (ما) و (حتى) و (كلا) (¬1).
قال أبو الفتح: وحكى لي حاك عن أبي إسحاق قال (¬2): سمعته يقول وقد سئل عن معنى قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ما تأويله؟ فقال: حقيقتك نعبد، قال: واشتقاقه من الآية، وهي العلامة، قال (¬3): وهذا القول عندي من أبي إسحاق غير مرضي، وذلك أن جميع (¬4) الأسماء المضمرة مبني غير مشتق نحو: (أنا وأنت وهو وهي) وقد قامت الدلالة على كون (إيا) اسما مضمرًا (¬5)، فيجب أن لا يكون مشتقا (¬6). فإن قلت: فما مثال (إيا) من الفعل؟ فإن المضمر لا ينبغي أن يمثل؛ لأنه غير مشتق ولا متصرف (¬7).
وقال صاحب "النظم" (¬8): معنى (إيا) الاختصاص، وقول القائل: (إياك ضربت) يعني: أن الضرب اختص بك وأردتك به، ولهذا وضعت العرب
¬__________
(¬1) انظر: "سر صناعة الإعراب" 2/ 655، 656.
(¬2) في "سر صناعة الإعراب": (أراه قال لي: سمعته ....) 2/ 656.
(¬3) قال: المراد أبو الفتح. انظر: "سر صناعة الإعراب" 2/ 656.
(¬4) في (ب): (جمع).
(¬5) وهو ما تقدم مما قرره الواحدي نقلا عن أبي الفتح ابن جني.
(¬6) انظر بقية كلام أبي الفتح في "سر صناعة الإعراب" 2/ 656، وانظر (المحتسب) 1/ 40.
(¬7) ترك الواحدي بقية كلام أبي الفتح، فلم يرد جواب السؤال واضحا، قال أبو الفتح بعد هذا: (ولكنك إن تكلفت ذلك على تبيين حاله لو كان مما يصح تمثيله، لاحتمل أن يكون من ألفاظ مختلفة، وعلى أمثلة مختلفة فالألفاظ ثلاثة: أحدها: أن يكون من لفظ (أويت)، والآخر: من لفظ الآية، والآخر: من تركيب (أوو ...)، ثم أخذ في تفصيل ذلك في كلام طويل. انظر: "سر صناعة الإعراب" 2/ 656 - 664.
(¬8) هو أبو علي الحسن بن يحيى الجرجاني، وكتابه هو "نظم القرآن" سبق الحديث عنه وعن كتابه في مصادر الواحدي في "البسيط"، وذكرت هناك: أن كتاب "نظم القرآن" مفقود، وقد نقل عنه الواحدي كثيرا.

الصفحة 513