كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 1)

ويقال: ما معنى سؤال المسلمين الهداية في قولهم: (اهدنا) وهم مهتدون؟ والجواب عنه من وجوه: أحدها: أنه قد تعرض للعارف شبه ينتقل بها إلى الجهل، فيحسن أن يسأل اللطيفة التي يتمسك معها بالمعرفة (¬1)، ولا ينتقل إلى الجهالة.
والثاني: أنهم لما كانوا لا يعلمون ما يكون منهم في المستأنف، حسن أن يسألوا الهداية على (¬2) وجه التثبيت لما هم عليه من الحق، وقد تستعمل الهداية لا من الضلالة كما قال الحطيئة لعمر رضي الله عنه:
فلا تُعْجِلَنِّي هداك المليكُ ... فإنَّ لكلِّ مَقَامٍ مَقَالا (¬3)
لم يرد من ضلالتك؛ لأنه لو أراد ذلك قد هجاه، ولكنه على معنى التوفيق و (¬4) التثبيت (¬5).
وقال بعض أصحابنا: يجوز أن يحمل على سؤال الهداية ابتداء فيما
¬__________
= للثبات عليه. وضعف أن يكون المعنى: زدنا هدى، أو: أسلكنا طريق الجنة والمعاد. الطبري 1/ 71 - 72، وانظر: ابن كثير 1/ 29.
(¬1) انظر: "الكشاف" 1/ 67.
(¬2) في (ب): (جهة).
(¬3) ورد البيت في الطبري 1/ 72، "الكامل" 2/ 199، "المقتضب" 3/ 224، (الهمع) 3/ 110، "اللسان" (حنن) 2/ 1030، ورواية الطبري (ولا تعجلني) وبقية المصادر (تحنن علي).
(¬4) في (ب)، (ج): (أو).
(¬5) وهذا هو المعنى الذي ارتضاه الطبري 1/ 72، وذكره الزجاج في "المعاني" ص 12، والماوردي 1/ 58، والبغوي 1/ 54، وابن الجوزي في "زاد المسير" 1/ 15، والرازي 1/ 357، وقد ذكر الماوردي وابن الجوزي والرازي معاني أخرى.

الصفحة 521