كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 1)

والاختيار الكسر (¬1). ولا يلزم وصف المعرفة بالنكرة؛ لأن حكم كل مضاف إلى معرفة (¬2) أن يكون معرفة، وإنما تنكرت (غير) و (مثل) مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما، وذلك أنك إذا قلت: رأيت غيرك، فكل شيء يرى سوى المخاطب هو غيره (¬3)، وكذلك إذا قال: رأيت مثلك، فما هو مثله لا يحصى، يجوز أن يكون مثله في خلقه، وخلقه، وفي جاهه، وفي نسبه، وفي علمه، فإنما صارا (¬4) نكرتين من أجل المعنى. فأما إذا كان شيء معرفة له ضد واحد، وأردت إثباته ونفي ضده، وعلم السامع (¬5) ذلك الضد فوصفته بـ (غير) وأضفت (غير (¬6)) إلى ضده، فهو معرفة، وذلك نحو قولك: عليك بالحركة غير السكون، فغير السكون معرفة، وهو (¬7) الحركة، فكأنك كررت الحركة تأكيدا.
وكذلك قوله: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} فغير المغضوب عليهم، هم الذين أنعم عليهم، لأن من أنعم عليه بالإيمان، فهو غير مغضوب عليه، فهو مساو له في معرفته، ومتى كانت (غير) بهذِه الصفة، وقصد هذا
¬__________
(¬1) هذا من كلام أبي بكر بن السراج واختياره حيث قال: (والاختيار الذي لا خفاء به الكسر، ألا ترى أن ابن كثير قد اختلف عنه ...) وقد اختصر الواحدي كلام ابن السراج. انظر: "الحجة" 1/ 143.
(¬2) في (ب): (معرفته).
(¬3) في "الحجة": (فكل شيء ترى سوى المخاطب فهو غيره) وفي الهامش: ط: (تراه)، انظر: "الحجة" 1/ 143.
(¬4) أي: (غير) و (مثل).
(¬5) في "الحجة": (... وعلم ذلك السامع فوصفته بغير ....)، 1/ 144.
(¬6) في (أ): (غيرا).
(¬7) في "الحجة" (وهي) 1/ 144.

الصفحة 546