كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 1)

إذا ما أدلجت وصفت يداها ... لها إدلاج ليلة لا هجوع (¬1)
وقال صاحب "النظم" (¬2): دخلت (لا) في قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} لمعنى من المعاني، وهو أنها منعت من ميل الوهم إلى غير ما نظم عليه الكلام، وذلك أن قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} معطوف على قوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وفي (غير) تأويل جحد، فدخلت (لا) على الضالين، ليعلم أنها معطوفة على (غير)، ولو لم تدخل (لا) لاحتمل أن يكون قوله: (والضالين) منسوقا (¬3) على قوله: (صراط الذين أنعمت عليهم والضالين}، فلما احتمل ذلك أدخل فيه (لا) ليحسم هذا الوهم (¬4)، وهو كما قال:
ما كان يرضى رسول الله فعلهم والطيبان أبو بكر ولا عمر (¬5)
أدخل (لا) (¬6) في قوله: (ولا عمر)؛ لأنه لو لم يدخل لاحتمل أن يكون انقطاع القصة عند تمام قوله: (ما كان يرضى رسول الله فعلهم)، ثم ابتدأ كلاما آخر على معنى المبتدأ وخبره، فيكون معناه حينئذ: (و (¬7) الطيبان أبو
¬__________
(¬1) (الإدلاج): السير من الليل، (وصفت يداها): أي أجادت السير. وصف الناقة في سيرها وجدها في السير، (ليلة لا هجوع): لا نوم فيها. ورد البيت في "ديوان الشماخ" ص 226، "الحجة" لأبي علي 1/ 168، وفي مادة (وصف) في "الصحاح" 4/ 1439، "أساس البلاغة" 2/ 511، "اللسان" 8/ 4850، " التاج" 12/ 523، وفي "الخزانة" 4/ 50. وبهذا البيت انتهى ما نقله عن "الحجة" 1/ 168.
(¬2) هو أبو علي الحسن بن يحيى الجرجاني، سبق الحديث عنه في مصادر الواحدي.
(¬3) في (ب): (مسبوقا).
(¬4) انظر: "البحر المحيط" 1/ 29.
(¬5) البيت لجرير يهجو الأخطل، وسبق تخريجه قريبا، والرواية هناك (دينهم) بدل (فعلهم).
(¬6) (لا) ساقط من (ب).
(¬7) (الواو) مكررة في (جـ).

الصفحة 555