أحدهما (¬1): أن تحمل على الفعل، كأنه قال: وختم على قلبه غشاوة، أي: بغشاوة فلما حذف الحرف وصل الفعل، ومعنى ختم عليه بغشاوة: مثل جعل على بصره غشاوة. ألا ترى أنه إذا ختمها بالغشاوة فقد جعلها فيها، والدليل على جواز حمل غشاوة على ختم هذا الظاهر قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} [النحل: 108]، وطبع في المعنى كختم، وقد حملت الأبصار على (طبع)، فكذلك (¬2) تحمل (¬3) على (ختم) (¬4).
والوجه الثاني: ما قاله الفراء (¬5)، وهو أنه نصبها بإضمار (وجعل)، كقوله في الجاثية: {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} [الجاثية: 23].
والكلام إذا اجتمع ودل أوله على آخره حسن الإضمار، كقولك: أصاب فلان المال، فبنى الدور والعبيد والإماء واللباس، فـ (بنى) لا يقع على العبيد (¬6) وإلاماء، واللباس فبنى لا يقع على العبيد والإماء ولكنه (¬7)، صفات اليسار، فحسن الإضمار لما عرف، ومثله كثير. والذي لا يحسن من الإضمار (¬8) ما يشتبه ولا يعرف المعنى، كقولك: ضربت فلانًا وفلانًا،
¬__________
= ابن محمد الضبي روى عن عاصم (وعلى أبصارهم غشاوة) نصبا"، "السبعة" ص 141، "معاني القرآن" للفراء1/ 13، "الحجة" 1/ 291 "زاد المسير" 1/ 28.
(¬1) في (ج): (أحدها).
(¬2) (فكذلك) ساقطة من (ب).
(¬3) في (ب): (حمل).
(¬4) بنصه في "الحجة"،1/ 309، 310.
(¬5) "معاني القرآن" 1/ 13، 14، ونقله بتصرف يسير.
(¬6) في (ب) (العبد).
(¬7) في (ب): (لكن).
(¬8) في (ب): (لا يشتبه).