كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

أصارهم إليه من عذاب الآخرة (¬1). وقيل: يخادعون الله، أي: (يخدعون)، قال اللحياني (¬2) وأبو عبيدة: خادعت الرجل بمعنى خدعته، والمفاعلة كثيرًا ما تقع من الواحد، كالمعافاة والمعاقبة وطارقت النعل، ومعناه على هذا: يقدرون في أنفسهم أنهم يخدعون الله (¬3).
وقال الحسن: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} أي: نبيه، لأن الله بعث نبيه (¬4) بدينه، فمن أطاعه فقد أطاع الله، كما قال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80]. وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: 10] فعلى هذا من خادعه فقد خادع الله، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ} [الأحزاب: 57] أي أولياءه، وعلى (¬5) هذا التأويل (المخادعة) أيضًا من الواحد (¬6).
¬__________
(¬1) هذا من قول أبي بكر محمد بن القاسم بن الأنباري كذلك، وقد سبق أن نقل المؤلف جزءًا منه، وانظر بقيته في "التهذيب" (خدع) 2/ 1112.
(¬2) هو علي بن حازم اللحياني، لغوي معروف، عاصر الفراء وتصدر في أيامه. انظر ترجمته في "طبقات النحويين واللغويين" ص 195، "إنباه الرواة" 2/ 255، "معجم الأدباء" 14/ 106.
(¬3) انظر كلام اللحياني في: "التهذيب" (خدع) 1/ 994، وكلام أبي عبيدة في "مجاز القرآن" ص 31 ونحو هذا المعنى ذكر الزجاج في "المعاني" 1/ 50، وسبق ذكر رد الطبري على أبي عبيدة، انظر "تفسير الطبري" 1/ 119، "تفسير البغوي" 1/ 65.
(¬4) (نبيه) ساقط من (ب).
(¬5) (الواو) ساقطة من (ب).
(¬6) ذكره أبو علي في "الحجة"، حيث قال: قال بعض المتأولين أظنه الحسن، ثم ذكره، ووجه هذا القول، كما نقل المؤلف هنا، 1/ 314، 315، ونسب القول للحسن ابن عطية 1/ 163، والبغوي 1/ 65، والقرطبي 1/ 170، وذكره ابن الجوزي ونسبه للزجاج. "زاد المسير" 1/ 29.

الصفحة 136