كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

ومن قرأ {يَخْدَعُونَ} قال: إن فَعَلَ [أولى بفعل] (¬1) الواحد من (فاعَلَ) من حيث كان أخص به، وكان أليق من (فاعَل) الذي هو لأكثر الأمر (¬2) أن يكون لفاعلين (¬3).
وقوله تعالى: {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ} (¬4). معناه أنهم راموا الخداع فلم يخدعوا الله ولا المؤمنين، وما خدعوا إلا أنفسهم؛ لأن وبال خداعهم عاد عليهم، وهذا كقولك: قاتل فلان فلانا فما قتل إلا نفسه، أي: رام قتل صاحبه فلم يتمكن وعاد وبال فعله إليه، كذلك المنافقون في الحقيقة إنما يخدعون أنفسهم (¬5)، لأن الله سبحانه يطلع نبيه -عليه الصلاة والسلام- على أسرارهم ونفاقهم (¬6)، فيفتضحون في الدنيا، ويستوجبون العقاب (¬7) في العقبى (¬8).
¬__________
(¬1) في جميع النسخ جاءت الجملة: (أن فعل أو لن يفعل الواحد ..) فصححتها على عبارة "الحجة"، لأن المؤلف نقل الكلام منه. انظر: "الحجة" 1/ 317.
(¬2) في (أ)، (ج): الأكثر إلا من أن يكون ..)، وعبارة "الحجة" (الذي في أكثر الأمر أن يكون لفاعلين) وهي أوضح 1/ 317. وانظر: "الكشف" لمكي 1/ 224.
(¬3) رجح ابن جرير قراءة {وما يخدعون} بدون ألف، وقال: هي أولى بالصحة من قراءة من قرأ {وما يخادعون}، 1/ 120، وكذا مكي حيث قال: وقراءة من قرأ بغير ألف أقوى في نفسي. ثم ذكر حججه على ذلك، وقال: والقراءة الأخري حسنة ..) وقال: وحمل القراءتين على معنى واحد أحسن وهو أن (خادع) و (خدع) بمعنى واحد في اللغة. "الكشف" 1/ 225، 227.
(¬4) على قراءة نافع وأبن كثير وأبي عمرو.
(¬5) "تفسير الطبري" 1/ 119، وانظر "تفسير القرطبي" 1/ 171، "زاد المسير" 1/ 30، "تفسير ابن كثير" 1/ 51.
(¬6) انظر: "تفسير أبي الليث" 1/ 95.
(¬7) في (ب): (العذاب).
(¬8) انظر: "زاد المسير" 1/ 30، "تفسير البغوي" 1/ 66.

الصفحة 140