وقوله تعالى: {وَمَا يَشْعُرُونَ} أي ما يعلمون أنهم يخدعون أنفسهم، وأن وبال خداعهم يعود إليهم، وفي هذا دليل على أنهم كانوا جهالاً بالله سبحانه وبدينه. و (الشِّعْر): العلم، وهو في الأصل (شِعْرَة) (¬1) كالفطنة والدِّرية (¬2)، وقالوا: ليت شعري، فحذفوا (التاء) مع الإضافة للكثرة، وقد قالوا: ذهب بعذرتها، [وهو أبو عذرها (¬3)] (¬4) وكأن شعرت من الشعار، وهو ما يلي الجسد، وكأن شعرت به، علمت علم حسّ (¬5).
قال الفرزدق (¬6):
¬__________
(¬1) وقوله: (وهو في الأصل شعرة ... إلخ) من كلام أبي علي الفارسي أورده ابن سيده في "المخصص" قال (قال أبو علي: .. فأما شعرت فمصدره: شعرة، بكسر الأول كالفطنة والدرية. وقالوا: ليت شعري ... إلخ) "المخصص" 3/ 32، وانظر: "الصحاح" (شعر) 2/ 699، "مقاييس اللغة" 3/ 194، "اللسان" 4/ 2273، "القاموس" ص 416.
(¬2) في (ب): (الدربة) بالباء الموحدة ن وكذا ورد عند ابن فارس في "المقاييس" 3/ 194. وعند سيبويه 4/ 44، وابن سيده في "المخصص" 3/ 32، (الدرية) كما هنا.
(¬3) قال سيبويه: (هذا باب ما تجيء فيه الفعلة تريد بها ضربا من الفعل)، ثم قال: (.. وقد تجيء الفعلة لا يراد بها هذا المعنى وذلك نحو: الشدة، والشعرة، والدرية .. وقالوا: ليت شعري في هذا الموضع، استخفافا، لأنه كثر في كلامهم، كما قالوا: ذهب بعذرتها، وقالوا: هو أبو عذرها لأن هذا أكثر ...)، "الكتاب" 4/ 44، وانظر "الصحاح" (شعره) 2/ 699، "اللسان" 4/ 409.
(¬4) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(¬5) في (ب): (حسن).
(¬6) هو الشاعر المشهور همام بن غالب بن صعصعة بن تميم البصري، مات سنة عشر ومائة. انظر ترجمته في "الشعر والشعراء" ص 310، "طبقات فحول الشعراء" 2/ 298، "الخزانة" 1/ 217.