لَبِسْنَ (¬1) الفِرِنْدَ الخُسْرُوَانِي فَوْقَهُ ... مَشَاعِرَ مِنْ خَزِّ العِرَاقِ المُفَوَّفُ (¬2)
أراد: لبسن الفرند الخسرواني مشاعر فوقه المفوف من خز العراق، أي جعلنها الشعار. فالشعر ضرب من العلم مخصوص، وكل مشعور به معلوم، وليس كل معلوم مشعورا (¬3) به، ولهذا لم يجز في وصف الله تعالى (¬4).
وقوله في وصف الكافرين {لَا يَشْعُرُونَ} أبلغ في الذم من وصفهم بأنهم لا يعلمون؛ لأن البهيمة قد تشعر من حيث تحس (¬5)، فكأنهم وصفوا بنهاية الذهاب عن الفهم، وعلى هذا قال: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} [البقرة: 154] ولم يقل: (ولكن لا تعلمون) لأن المؤمنين إذا أخبرهم الله تعالى بأنهم أحياء علموا أنهم أحياء،
¬__________
(¬1) في (ب): (ليبس).
(¬2) البيت في "ديوان الفرزدق" وفيه (دونه) بدل (فوقه) 2/ 24، "المخصص" 3/ 32، "شرح الأبيات المشكلة الإعراب" للفارسي ص 299، "جمهرة أشعار العرب" ص 314، وفيه (الفريد) بدل (الفراند)، و (خزي) بدل (من خز)، و (الفراند): يطلق على وشى السيف، وعلى السيف نفسه، وعلى الورد الأحمر، وقال في "اللسان" (فرند): دخيل معرب اسم ثوب، "اللسان" (فرند) 6/ 3405، و (الفريد): قلائد اللؤلؤ، و (الخسرواني): الذي يشتري بالمال الكثير، ولا تحسب فيه خسارة، و (المشاعر). الثياب التي يلي البدن، و (المفوف): المُوَشَّى.
(¬3) فبينهما عموم وخصوص مطلق.
(¬4) في "المخصص": (... ولهذا لم يجز في وصف الله تعالى كما لم يجز في وصفه (دوى)، وكان قوله تعالى في وصف الكافرين ...).، 3/ 32.
(¬5) في (ب): (لا تحس). وفي "المخصص": (.. من حيث كانت تحس ..)،3/ 32.