كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

كالغائب (¬1).
وتقول: أنفقت ثلاثة وثلاثة، فذلك ستة، وإن شئت قلت: فهذا ستة، وقد قال الله عز وجل: {فَحَشَرَ فَنَادَى} [النازعات: 23] تْم قال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [النازعات: 26]، وقال: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ} (¬2) [الأنبياء: 105]، ثم قال: {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا} [الأنبياء: 106] (¬3).
وقال محمد بن جرير: أشار بقوله: {ذلك} إلى ما تقدم ومضى من قوله: {الم} لأن كل ما تقضى (¬4) وقرب تقضيه من الأخبار فهو في حكم الحاضر، كالرجل يحدث الرجل الحديث، فيقول السامع: (إن ذلك لكما (¬5) قلت)، و (هذا والله كما قلت)، فيخبر مرة عنه بمعنى الغائب (¬6)، إذا كان قد تقضى، ومرة بالحاضر لقرب جوابه من كلامه، كأنه غير متقض (¬7)، فكذلك لما ذكر الله سبحانه {الم} التي ذكرنا تصرفها في وجوهها من المعاني، قال: يا محمد هذا الذي ذكرته وبينته لك: الكتاب، [فحسن وضع (ذلك) في موضع (هذا) (¬8) وروى عن ابن عباس أنه قال:
¬__________
(¬1) وقال الفراء (.. ولو كان شيئًا قائمًا يُرى لم يجز مكان (ذلك)، (هذا) ولا مكان (هذا)، (ذلك) ..) "معاني القرآن" 1/ 10، وقد نقل الواحدي كلامه بتصرف.
(¬2) في (ج) تصحيف في الآية (من بعد ما الذكر).
(¬3) الكلام بنصه في "معاني القرآن" للزجاج 1/ 30. وانظر "معاني القرآن" للفراء 1/ 11.
(¬4) في (ب). (ما يقضى). في الطبري: (لأن كل ما تقضى بقرب تقضيه ..) وفي الحاشية في المطبوعة (وقرب تقضيه) يريد: أن ذكر ما نقضى، وانقضاؤه قريب من إخبارك عنه. (تفسير الطبري) 1/ 96.
(¬5) في (ب): (كما).
(¬6) أي إذا أشار إليه بـ (ذلك) وبمعنى الحاضر إذا أشار إليه بـ (هذا).
(¬7) في (ب). (مقتض) وفي الطبري: (منقض).
(¬8) "تفسير الطبري" 1/ 96، وذكر المؤلف كلام الطبري بتصرف واختصار، واختار=

الصفحة 32