كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

من علم التوراة وبينت لكم من صفة محمد، وألزمتكم من تصديقه واتباعه (¬1)، فلما بعث - صلى الله عليه وسلم - ولم يتبعوه كانوا كالناسين لهذه النعمة (¬2).
والأجود في {نِعْمَتِيَ الَّتِي} فتح الياء (¬3)، وكل (ياء) كانت من المتكلم ففيها (¬4) لغتان: الإرسال (¬5) والفتح، فإذا لقيها ألف (¬6) ولام اختارت العرب اللغة التي حركت فيها الياء، وكرهوا الأخرى، لأن اللام ساكنة (¬7) فلو لم يفتحوا لأشبه (¬8) أن تكون النعمة مجرورة على غير الإضافة (¬9)، فأخذوا بأوثق الوجهين وأبينهما (¬10)، لأنه أدل على الأصل وأشكل بما يلزم في
¬__________
(¬1) ذكره ابن الجوزي وعزاه لابن عباس، "زاد المسير" 1/ 73، وانظر "تفسير القرطبي" 1/ 282.
(¬2) في (ب): (النعم).
(¬3) أجمع القراء العشرة على فتح (الياء) في قوله تعالى: {نِعْمَتِيَ الَّتِي} في مواضعها الثلاثة في البقرة، وقرأ بتسكينها الحسن وابن محيصن، انظر: "الإقناع" 1/ 542، "النشر" 2/ 162، "البدور الزاهرة" ص 30، "القراءات الشاذة" للقاضي ص 23، وقد سبق ذكر أصول القراء في ياءات الإضافة عند قوله تعالى: {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ} [البقرة: 30] ص 341.
(¬4) في (ب): (فيه).
(¬5) قوله: (الإرسال) أي: تسكينها ثم حذفها لالتقاء الساكنين، وفي "معاني القرآن" للفراء: (وأما نصب الياء من (نعمتي) فإن كل ياء كانت من المتكلم ففيها لغتان: الإرسال والسكون والفتح، 1/ 29.
(¬6) (ألف) ساقط من (ب).
(¬7) في "معاني القرآن" للفراء: (لأن اللام ساكنة فتسقط الياء عندها لسكونها فاستقبحوا أن يقولوا: (نعمتي التي) فتكون كأنها مخفوضة على غير إضافة) 1/ 29.
(¬8) في (ب): (الا شبه).
(¬9) المراد: أن الياء من (نعمتي) لو سكنت لحذفت لالتقاء الساكنين فتبقى النعمة مجرورة من دون إضافة للياء فيقال (نعمت).
(¬10) في (ب): (وأبينها).

الصفحة 428