البعث والمصير إلى الله كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} [يونس: 7]، وقوله: {بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ} [السجدة: 10]، {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} [الفرقان: 21].
ولا يمكن حمل الملاقاة في هذه الآية على المعاينة والرؤية (¬1)، لأن أحداً لا يستيقن (¬2) أنه يرى ربه ويعاينه، بل كل واحد منا يرجو ذلك من فضل الله أن يرزقه. وقد فسر الظن هاهنا بمعنى اليقين (¬3) فيحمل اللقاء على ما فسره ابن عباس (¬4)، ورحمة الله (¬5).
وقال أبو علي: معنى قوله: {مُلَاقُو رَبِّهِمْ} ملاقو ثواب ربهم (¬6)،
¬__________
(¬1) قال بعض المفسرين: إن المراد بالملاقاة في الآية: الرؤية. انظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 69 ب، و"تفسير ابن عطية" 1/ 279، و"تفسير البغوي" 1/ 95، "لباب التفسير" للكرماني 1/ 227، "البحر" 1/ 186.
(¬2) في (ج): (الاستيقان).
(¬3) وعلى هذا أكثر المفسرين، انظر: "تفسير الطبري" 1/ 263، و"تفسير ابن أبي حاتم" 1/ 103، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 96، و"تفسير الثعلبي" 1/ 69/ ب، و"تفسير ابن عطية" 1/ 279، و"تفسير ابن كثير" 1/ 93.
(¬4) أي: أن المراد به البعث والرجعة إلى الله والجزاء على ما عملوا. انظر: "تفسير أبي الليث" 1/ 116، و"ابن عطية" 1/ 279، و"البغوي" 1/ 69، و"ابن كثير" 1/ 93، "البحر" 1/ 186.
(¬5) لفظ الجلالة غير موجود في (ب).
(¬6) ذكر هذا التقدير بعض المفسرين كابن عطية في "تفسيره" 1/ 279، و"تفسير القرطبي" 1/ 321، وأبو حيان في "البحر" 1/ 186، وإن كانت الآية محتملة له، فالأولى عدم صرفها عن ظاهرها كما قال أبو حيان، وقد قالت المعتزلة بنفي رؤية الله تعالى في الآخرة. وقالوا: لفظ اللقاء لا يفيد الرؤية وأولوا الآية على أن المراد: ملاقو ثواب ربهم، كما قال الزمخشري في "الكشاف" 1/ 278، فإن قصد بتأويل الآية على هذا نفي الرؤية فهو مردود، انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 279، "تفسير الرازي" 3/ 51، "البحر" 1/ 186.