وذلك أن ذلك الثوب فضل على سائر الثياب التي تصان وتدخر. وهذا التفضيل (¬1) هو ما ذكر في قوله {إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ} الآية [المائدة:20]. وأراد بـ (العالمين) عالمي زمانهم (¬2)، والخطاب للموجودين منهم في ذلك الوقت والمراد به سلفهم، ولكن في تفضيل الآباء شرفا للأبناء، ولذلك قال لهم: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} (¬3).
48 - قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي} الآية. لا تجزي معناه: لا تقضي ولا يغني (¬4)، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة بن نِيَار (¬5): (ولا تجزي عن أحد بعدك) (¬6)، معناه:
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الرازي" 3/ 52، و"ابن كثير" 1/ 94.
(¬2) ذكره ابن جرير عن قتادة وأبي العالية ومجاهد وابن زيد، وقال ابن جرير: أخرج مخرج العموم ويراد به الخصوص 1/ 264 - 265، وكذا قال ابن قتيبة في "غريب القرآن" ص 38، وانظر. "تفسير الثعلبي" 1/ 69 ب، وابن عطية 1/ 281، و"تفسير القرطبي" 1/ 321، "زاد المسير" 1/ 76، و"تفسير ابن كثير" 1/ 94.
(¬3) انظر: "تفسير الطبري" 1/ 264، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 97، "تفسير ابن عطية" 1/ 281.
(¬4) كذا في (أ)، (ج) وفي (ب) بدون إعجمام، وفي "الوسيط": (لا يقضي ولا يغني) وفي الحاشية قال: في (أ)، (ب): (لا تقضي ولا تعني) 1/ 99، وفي "تفسير الطبري": (لا تقضي ولا تغني)،1/ 266، وانظر: "تفسير الثعلبي" 1/ 69 ب، "تهذيب اللغة" (جزى) 1/ 601.
(¬5) هو أبو بُردة بن نِيَار بن عمرو الأنصاري، من حلفاء الأوس، صحابي جليل شهد العقبة وبدرا والمشاهد النبوية الأخرى، توفي سنة اثنتين وأربعين، انظر "طبقات ابن سعد" 3/ 451، "الإصابة" 4/ 18، 3/ 596، "سير أعلام النبلاء" 2/ 35.
(¬6) قطعة من حديث في قصة أبي بردة بن نِيَار، حينما ذبح قبل صلاة العيد، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحي بالجذعة المعزى. أخرجه البخاري في عدة =