فلها خلق (¬1) كزيد وعمرو، ألا ترى أنه لا يسمى كل بقعة مسجدا ولا دارا، فلما جرت هذه الظروف مجرى زيد وعمرو، وجب أن لا يعدى الفعل إليها إلا (¬2) بحرف جر، فأما قولهم: (ذهبت الشام) يريدون إلى الشام، فهو شاذ عند سيبويه، وقولهم: (دخلت البيت) فهو - أيضا شاذ عنده (¬3). وهو عند أصحابه مفعول به، لأنه ظرف صير مفعولا، فهو عندهم بمنزلة: هدمت البيت (¬4). قال أبو علي (¬5): والجائز عندي من هذه الأقاويل التي قيلت في الآية قول من قال: إن (اليوم) جعل (¬6) مفعول (تجزي) على السعة، كقول الشاعر:
وَيَوْمٍ شَهِدْنَاهُ (¬7) سُلَيْماً وَعَامِرًا (¬8)
¬__________
(¬1) في (ج): (حلف).
(¬2) في (ب): (اليها لا).
(¬3) انظر: "الكتاب" 1/ 414.
(¬4) انظر: "الإغفال" ص 175 - 176، نقل الكلام بمعناه.
(¬5) "الإغفال" ص 176.
(¬6) (جعل) ساقط من (ب).
(¬7) في (ج): (شهدنا).
(¬8) البيت لم يرد ضمن كلام أبي علي في هذا الموضع، وإنما ورد في كلام أبي إسحاق الزجاج، الذي نقله أبو علي، واستدرك عليه، انظر: "الإغفال" ص 172، "معاني القرآن" للزجاج 1/ 98، والبيت من (شواهد سيبويه) 1/ 178، وورد في "المقتضب" 3/ 105، "الكامل" 1/ 33، "مغني اللبيب" 2/ 503، "شرح المفصل" 2/ 46، "همع الهوامع" 3/ 166، والقرطبي في "تفسيره" 1/ 321، وقد نسبه سيبويه لرجل من بني عامر، وعجزه:
قَلِيلٍ سِوى الطَّعْنِ النِّهَال نَوَافِلُه