كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

وقوله تعالى: {لِلْمُتَّقِينَ}. الاتقاء في اللغة: الحجز بين الشيئين، يقال: اتقاه بترسه، أي: جعل الترس حاجزا بينه وبينه، واتقاه بحقه، إذا وفاه (¬1)، فجعل الإعطاء وقاية بينه وبين خصمه عن نيله إياه بيده أو لسانه، ومنه (التقية في الدين) بجعل ما يظهره حاجزا بينه وبين ما يخشاه من المكروه (¬2)، ومنه الحديث: كنا إذا احمرّ البأس اتقينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان أقربنا إلى العدو (¬3). فالمتقي هو الذي يتحرز بطاعته عن العقوبة، ويجعل اجتنابه عما نهى، وفعله ما (¬4) أمر، حاجزًا بينه وبين العقوبة التي توعد (¬5) بها العصاة.
وكان (اتقى) (¬6) في الأصل (اوْتقى) (¬7) لأنه (افتعل) (¬8) من الوقاية، وأصل هذا الباب بالواو (¬9)، كالاتزان (¬10) من الوزن، والاتضاح من
¬__________
(¬1) في (ب): (وقاه).
(¬2) انظر: "تهذيب اللغة" (تقي)، (وقى) 1/ 44، "الصحاح" (وقى) 6/ 2527، "اللسان" (وقى) 8/ 4902، (لباب التفاسير) للكرماني 1/ 111، (رسالة دكتوراه).
(¬3) أخرجه مسلم في "صحيحه" في قصة غزوة حنين وفيه: (... قال البراء: كنا والله إذا أحمر البأس نتقى به وإن الشجاع منا للذي يحاذى به، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) مسلم 1776/ 79، كتاب الجهاد، غزوة حنين، وذكره البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 135.
(¬4) في (ب): (عما أمر) تصحيف.
(¬5) في (ب): (يدعو).
(¬6) في (ب): (من في).
(¬7) بكسر الهمزة وسكون الواو.
(¬8) في (ج): (لا افتعل).
(¬9) في (ج): (من الواو).
(¬10) في (ب): (كالا يزان).

الصفحة 48