كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

لا يخلو إما أن أراد تذكير (¬1) التأنيث الحقيقي أو غير الحقيقي (¬2).
ولا يجوز أن يريد تذكير الذي هو غير الحقيقي، لأن ذلك قد جاء في القرآن ما لا يحصى كثرة، كقوله: {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} (¬3) [الأنعام: 32] و {النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ} [الحج: 72]، {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29)} [القيامة: 29]، و {قَالَتْ رُسُلُهُمْ} [إبراهيم: 10]، و {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7]، و {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق: 10] فإذا (¬4) كان هذا النحو على الكثرة التي تراها، فلا يجوز أن يريد هذا. وإذا لم يجز أن يريد هذا كان إرادة تذكير التأنيث الحقيقي أبعد، كقوله: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ} [آل عمران: 35]، وقوله: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا} [التحريم: 12]، {وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ} [القصص: 11].
فإن قلت: إنما يريد: [إذا] (¬5) احتمل الشيء التذكير والتأنيث، فاستعملوا التذكير وغلبوه.
قيل هذا أيضا لا يستقيم، ألا ترى أن فيما تلونا {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} و {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} فأنث مع جواز التذكير فيه، يدل على ذلك في الأخرى: {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: 20]، وقوله: {مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ}
¬__________
(¬1) في (ب): (أراد بتذكير).
(¬2) نص كلام أبي علي في "الحجة": (لا يخلو من أن يريد به التذكير الذي هو خلاف التأنيث، أو يريد معنى غير ذلك. فإن أراد به خلاف التأنيث فليس يخلو من أن يريد: ذكروا فيه التأنيث الذي هو غير حقيقي أو التأنيث الذي هو حقيقي .. 2/ 53.
(¬3) في (ج): (والدار) وهي آية الأعراف: 169.
(¬4) في (ب): (وإذا).
(¬5) (إذا) ساقطة من كل النسخ وأثبتها كما في "الحجة" لاقتضاء السياق لها والنص في "الحجة": (فإن قلت: إنما يريد: إذا احتمل) 2/ 54.

الصفحة 482