كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

وقيل: سمى البنات نساء على تقدير أنهن يكن نساء، وقيل: جمع الكبار والصغار بلفظ النساء، لأنهم كانوا يستبقون جميع (¬1) الإناث، فجرى اللفظ على التغليب كما يطلق الرجال على الذكور وإن كان فيهم صغار (¬2). فإن قيل: فما في استحياء النساء من سوء العذاب؟
قيل: إن استحياء النساء على ما كانوا يعملون بهن أشد في المحنة من قتلهن، لأنهن يستعبدن وينكحن على الاسترقاق، والاستبقاء للإذلال استبقاء محنة (¬3).
قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}. البلاء: اسم ممدود من البلو، وهو الاختبار والتجربة (¬4). يقال: بَلاَه يَبْلُوه بَلْواً إذا جَرَّبَه، وَبَلاَه يَبْلُوهُ بَلْواً إذا ابتلاه الله ببلاء (¬5).
قال أبو الهيثم: البلاء يكون حسنا ويكون سيئا، وأصله: المحنة، والله عز وجل يبلو عباده بالصنيع الحسن، ليمتحن شكرهم عليه، ويبلوهم بالبلوى الذي يكرهون، ليمتحن صبرهم، فقيل للحسن: بلاء، وللسيئ: بلاء (¬6) لأن أصلهما: المحنة، ومنه قوله: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ}
¬__________
(¬1) (جميع) ساقط من (ب).
(¬2) واختار هذا الوجه ابن جرير في "تفسيره" 1/ 274، انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 286، " القرطبي" 1/ 330، "البحر" 1/ 164.
(¬3) انظر: "تفسير ابن عطية" 1/ 286، "زاد المسير" 1/ 78، "الرازي" 1/ 68، "البحر" 1/ 19.
(¬4) انظر: "التهذيب" (بلا) 1/ 379، "اللسان" (بلا) 1/ 355.
(¬5) ذكره الأزهري عن الأصمعي. "التهذيب" (بلا) 1/ 379.
(¬6) ذكره الهروي عن أبي الهيثم، ولفظه: (يبلو عبده) بلفظ المفرد "الغريبين" 1/ 209، 210، وذكره القرطبي في "تفسيره" عن الهروي 1/ 330.

الصفحة 505