كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

واختلف القراء في قوله تعالى: {وَاعَدْنَا} فقرأ أكثرهم (¬1) بالألف من المواعدة، لأن ما كان من موسى من قبول الوعد والتحري لإنجازه والوفاء به يقوم مقام الوعد، وإذا كان كذلك حسن القراءة بـ (واعدنا) لثبات التواعد من الفاعلين، كما قال: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} (¬2) [البقرة: 235] و-أيضا- فإن المفاعلة قد تقع من الواحد كسافر، وعافاه الله (¬3)، وقد مر (¬4).
وقرأ أبو عمرو (¬5) (وعدنا) لكثرة ما جاء في القرآن من هذا القبيل بغير ألف، كقوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا} (¬6)، {أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ} [طه: 86]، {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ} [الأنفال: 7]، {إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ} [إبراهيم: 22]، {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ} [الفتح: 20]، فرد المختلف في إلى المتفق عليه (¬7).
¬__________
(¬1) قرأ أبو عمرو بغير ألف ووافقه من العشرة أبو جعفر ويعقوب, والباقون بالألف انظر: "السبعة" ص 155, "الحجة" لأبي علي 2/ 56, "التيسير" ص73, "التبصرة" ص25, "الغاية" ص 101, "النشر" 2/ 212, "تحبير التيسير" ص87.
(¬2) (لكن) ساقط من (أ) و (ج) تصحيف في الآية.
(¬3) قال أبو علي: (.. فإذا كان الوعد من الله سبحانه, ولم يكن من موسى, كان من هذا الباب) "الحجة" 2/ 67.
(¬4) مر في تفسير قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9] , وانظر: "الحجة" لأبي علي 2/ 66, "حجة القراءات" لابن زنجلة: ص96, "الحجة" لابن خالويه: ص77, "الكشف" لمكي 1/ 240.
(¬5) في (ب): (أبو عمر).
(¬6) المائدة:9, والنور: 55, والفتح:29.
(¬7) "الحجة" لأبي علي 2/ 67. وقال ابن زنجلة: وحجة أن المواعدة إنما تكون بين الآدميين. "حجة القراءات": ص96, انظر: "الحجة" لابن خالويه: ص77, =

الصفحة 514