وأما (اتخذ) فإنه على ضربين (¬1): أحدهما: أن يتعدى إلى مفعول واحد.
والثاني: أن يتعدى إلى مفعولين.
فأما تعديه إلى واحد فكقوله: {يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} [الفرقان: 27] و {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ} [الزخرف: 16] وقوله: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً} [الفرقان: 3] (¬2)، {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا} [الأنبياء: 17].
وأما تعديه إلى مفعولين، فإن الثاني منهما هو الأول في المعنى، كقوله: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} (¬3) وقال: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1]، {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا} [المؤمنون: 110]. ونظير (اتخذت) في تعديه إلى مفعول واحد مرة، وإلى مفعولين: (الجعل) (¬4) قال الله تعالى: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: 1] أي: خلقهما (¬5)، فإذا تعدى إلى مفعولين كان الثاني الأول في المعنى، قال: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً}
¬__________
(¬1) نقله من "الحجة" لأبي علي 2/ 68. وانظر: "البحر" 1/ 200، "الدر المصون" 1/ 354.
(¬2) وفي "الحجة" ذكر قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً} [مريم:81] [يس: 74].
(¬3) المجادلة: 16، المنافقون: 2.
(¬4) في (ب): (أنجعل) وفي "الحجة": (جعلت) 2/ 69.
(¬5) في (ب): (خلقها). والمؤلف يشير بقوله (خلقها) إلى أن (جعل) التي تتعدى إلى مفعول واحد هي التي بمعنى: خلق، أو أوجب، أو وجب، وهي تتعدى إلى مفعول واحد بنفسها. وإلى الثاني بحرف الجر. وأما التي تتعدى إلى مفعولين فهي التي بمعنى: (اعتقد) و (صير). انظر: "الأشموني مع حاشية الصبان" 2/ 23.