وقوله تعالى: {لَعَلَّكُم تَشكُرُونَ} إنما ذكرت هاهنا وفي سائر المواضع من القرآن نحو {ولَعَلَّكُم تَهتَدُونَ} [البقرة:53] والله عز وجل يعلم أيشكرون أم لا، على ما يفعل (¬1) العباد ويتخاطبون به، أي: أن هذا يرجى به الشكر (¬2)، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم (¬3).
ومعنى الشكر في اللغة: عرفان الإحسان ونشره، وهو الشكور (¬4) أيضًا (¬5). وقال بعض أهل اللغة: معنى الشكر إظهار النعمة بالاعتراف بها، ومن هذا يقال: دابة شكور (¬6)، إذا أظهرت السمن فوق (¬7) ما يعلف (¬8). وقد ذكرنا أقسام الشكر في ابتداء الفاتحة. وأما معنى الشكور في وصف الله تعالى فمذكور وفي موضعه.
53 - قوله تعالى: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ} الآية. الفرقان: مصدر فرَقت بين الشيئين أفرُق فَرْقًا وفُرْقانًا، كالرجحان والنقصان، هذا هو
¬__________
(¬1) في (أ)، (ب): (يعقل)، وما في (ج) أولى، وموافق لما في "معاني القرآن" للزجاج، والكلام منقول منه.
(¬2) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 105، وأكثر المفسرين على أن (لعل) تفيد الإيجاب، وقيل: هي بمعنى (كي). انظر: "تفسير الطبري" 1/ 161، 1/ 284، "تفسير ابن عطية" 1/ 296، "تفسير القرطبي" 1/ 336.
(¬3) ذكر الوجوه التي تأتي عليها (لعل) في تفسير قوله {لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ} [البقرة: 21].
(¬4) في (ب): (الشكر).
(¬5) ذكره الأزهري عن الليث. "تهذيب اللغة" (شكر) 2/ 1911، وانظر: "اللسان" (شكر) 4/ 2305.
(¬6) في (ب): (شكورا).
(¬7) في (ب): (من الثمن فوق ما علفت).
(¬8) انظر: "التهذيب" (شكر) 2/ 1911، "اللسان" 4/ 2306، "تفسير الثعلبي" 1/ 72.