كتاب التفسير البسيط (اسم الجزء: 2)

والثاني: إثارة بارك أو قاعد، يقال: بعثت البعير عن مبركه، وبعثت النائم، ونشر الميت: بعث، لأنه كبعث النائم، وذلك إثارته عن مكانه (¬1). قال قتادة: بعثهم الله ليستوفوا بقية آجالهم وأرزاقهم (¬2)، ولو ماتوا بآجالهم لم يبعثوا، ولكنه كان ذلك الموت عقوبة لهم على ما قالوا.
وقال ابن الأنباري: كل موت حصل البعث بعده في الدنيا كهذا، وكقوله: {فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ (¬3) مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة: 243] يكون حكمه حكم النوم، ويجري مجرى موت النائم؛ لأن الله تعالى أثبت للخلق الإماتة في دار الدنيا مرة واحدة (¬4)، وهوقوله: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} (¬5) [الجاثية: 26].
قال الزجاج: والآية احتجاج على مشركي العرب الذين كفروا بالبعث، واحتج النبي - صلى الله عليه وسلم - بإحياء من بعث بعد موته في الدنيا فيما يوافقه اليهود والنصارى (¬6).
¬__________
(¬1) "تهذيب اللغة" (بعث) 1/ 354، وانظر "اللسان" (بعث) 1/ 307.
(¬2) أخرجه الطبري في "تفسيره" 1/ 292، وابن أبي حاتم 1/ 358، وانظر "تفسير الثعلبي" 1/ 74 ب، انظر "تفسير ابن عطية" 1/ 352، والبغوي 1/ 75، "تفسير ابن كثير" 1/ 100، "الدر المنثور" 1/ 136.
(¬3) لفظ الجلالة غير موجود في (ب) تصحيف.
(¬4) قول جمهور المفسرين أنه موت حقيقي، لكنها غير الموتة التي كتبت عليهم في الدنيا، انظر "تفسير الطبري" 1/ 291، "تفسير الثعلبي" 1/ 74 ب، قال ابن العربي: ميتة العقوبة بعدها حياة، وميتة الأجل لا حياة بعدها، انظر "أحكام القرآن" لابن العربي 2/ 228، "زاد المسير" 1/ 85، "تفسير القرطبي" 1/ 345 - 346، 3/ 231، "تفسير الرازي" 3/ 86.
(¬5) في (أ) (يبعثكم) تصحيف.
(¬6) "معاني القرآن" للزجاج 1/ 109، نقله بمعناه.

الصفحة 543